للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خامساً: ما يصحُّ فيه الضَّمان، وما لا يصحُّ:

- يصحُّ الضَّمان في كلِّ حقِّ من الحقوق الماليَّة الواجبة، أو التي تؤول إلى الوجوب؛ كضمان المهر قبل الدخول؛ لأنَّه يؤول إلى الوجوب بل وجب بالعقد، لكنَّه لا يستقرُّ إلَّا بالدخول، وكذا ضمانه بعد الدخول، لأنَّه صار حقًّا مستقرًّا، وكضمان أُجرة العين المؤجَّرة، وضمان ثمن المبيع في مدِّة الخيار، ونحو ذلك؛ لأنَّها تؤول جميعها إلى الوجوب واللزوم.

- ويصحُّ ضمان المجهول إذا آل إلى العِلْم؛ كما لو قال له: أنا ضامن لك مالك على فلان، أو ما يُقضى به عليه، أو ما تقوم به البيِّنة، ونحو ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٢]، وحِمْل البعير غير معلوم؛ لأنَّه يختلف باختلاف البعير؛ فقد يزيد وقد ينقص؛ لكنه يؤول إلى العلم. أمَّا إذا لم يؤل إلى العلم فإنَّه لا يصحُّ ضمانه؛ كضمان متلفاتٍ لشخصٍ لا يدري ما هي؛ فلو أتلف إنسان مُتلفاتٍ عظيمة، ولا يدري كم قيمتها؛ هل تساوي مليوناً، أو عشرة دنانير، ولا سبيل إلى معرفة ذلك، فهذا مجهول لا يمكن العلم به، فلا يصحُّ ضمانه؛ لأنَّ الضَّامن لا يَدري ماذا يؤدِّي.

- ويصحُّ ضمان دين الميِّت وإن لم يترك شيئاً يُستوفى منه دَيْنه؛ لحديث سَلَمَة بن الأَكْوَع السابق؛ وفيه أنَّ أبا قتادة ضمن دين ميِّت لم يترك وفاءً لدينه، وأقرَّه النبيُّ ، ولأنَّه دَيْنٌ ثابتٌ فصحَّ ضمانُه كما لو ترك وفاءً له. ولا تبرأ ذمَّة الميِّت حتَّى يُقضَى عنه دَيْنُه؛ لقول النبيِّ : (نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) [رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه].