للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ تلد لستَّة أشهر فأكثر من حين الوطء، أو يراها تزني في طُهرٍ وطئها فيه، ثمَّ تَلِدُ ولداً يغلب على ظنِّه أنَّه من الزَّاني، لشَبَهِه به، أو لكون الزوج عقيماً؛ فيجب عليه حينئذٍ قَذْفها ونَفْي الولد؛ لجريان ذلك مجرى اليقين في أنَّ الولد من الزاني، فإذا لم يَنْفِه لَحِقه، ووَرِثَه، ووَرِثَ أقاربه، ووَرِثوا منه، ونظر إلى بناته وأخواته، وذلك كلُّه لا يجوز، فوجب نَفْي الولد إزالةً لذلك، ولا يُمكن نَفْيه إلَّا بالقَذْف وما لا يتمُّ الواجب إلَّا به فهو واجب.

ولحديث أبي هريرة ، أنَّه سمع النبيَّ يقول: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ، فَلَيْسَتْ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ، وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللهُ جَنَّتَهُ) [رواه أبو داود، والنسائي]. فكما حُرِّم على المرأة أن تُدخل على قومٍ مَنْ ليس منهم فالرَّجل مثلها.

الموضع الثَّاني: أن يراها تزني لكنَّها لم تلد أو ولدتْ ما لا يغلِبُ على ظنِّه أنَّه من الزَّاني، أو أن يستفيض زناها بين النَّاس، أو يرى رجلًا معروفاً بالزِّنا عندها، ونحو ذلك، فيُباح له في هذه الحال قَذْفها؛ لأنَّ ذلك كلَّه ممَّا يَغلِب على الظنِّ زناها، ولا يجب القذف حينئذٍ؛ لأنَّه لا ضرر على غيرها؛ حيث لم تلد، وفراقها أَوْلَى من قَذْفها؛ لأنَّه أستر، ولأنَّ قَذْفها يلزم منه أن يحلف أحدُهما كاذباً إن تَلاعَنا، أو تُقِرَّ فتَفْتَضح.

ثالثاً: الحِكمَةُ من تَحريم القَذْف:

حرَّم الله ﷿ القَذْف؛ صيانةً للأعراض عن الانتهاك، وحمايةً لها عن