للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دراسةُ الفقهِ الحَنْبَليّ وأهمُ مصنَّفاتِهِ المعتمَدَةِ

حثَّ الله تعالى المسلمين على التفقّه في الدِّين، وجعَلَهُ من فروض الكفايات؛ فقال تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة ١٢٢]. ولذا كان الفقه في الدِّين، مِنَّة من الله تعالى يرزقها من يشاء من عباده ممَّن أراد بهم الخير؛ فعن معاوية بن أبي سفيان ، أنَّه سمع النبيَّ يقول: (مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ) [رواه البخاري ومسلم].

وحتّى تؤتي دراسةُ الفقه ثمارها، ويَطيبُ أُكلها، لا بدّ لطالب الفقه من اتّباع منهج عِلميٍّ في تلقِّي الفقه؛ يقوم على التدرّج في مراحل الطلب؛ بدءًا من المختصرات الفقهيّة، ثمّ المتوسّطات، وانتهاءً بالمطوّلات؛ يقول ابن خلدون : «اعلم أن تلقين العلوم للمتعلِّمين إنَّما يكون مفيداً إذا كان على التدرُّج شيئاً فشيئاً، وقليلاً قليلاً … » (١).

ويقول الماوَرْدِيّ : «واعلم أنَّ للعلوم أوائل تؤدِّي إلى أواخِرها، ومَداخِل تُفضي إلى حقائقها؛ فليبتدئ طالب العلم بأوائلها لينتهي إلى أواخِرها، وبمَداخِلها لتُفضي إلى حقائقها، ولا يَطلب الآخِر قبل الأوَّل، ولا الحقيقة قبل


(١) «مقدِّمة ابن خلدون» (ص ٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>