للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب ما يَحْصُل به الإقرار من الألفاظ وما يُغَيِّره

- من ادُّعي عليه بألفٍ مثلًا، فقال في جوابه: «نعم»، أو «أَجَل»، أو «صَدَقْتَ»، أو «أنا مقرٌّ»، أو «أنا مقرٌّ به»، أو «إنِّي مُقِرٌّ بدعواك» فقد أَقَرَّ؛ لأنَّ هذه الألفاظ تَدَلُّ على تصديق المدَّعِي.

وكذا لو ادُّعِيَ عليه بألْفٍ مثلًا؛ فقال: «خُذْها»، أو «اقْبِضْها»، أو «احْرِزْهَا»، أو: «كأنِّي جاحِدٌ لك؟» أو «كأنِّي جَحَدْتُك حقَّك؟» فقد أقرَّ؛ لانصراف ذلك إلى الدَّعْوَى؛ لوقوعه عَقِبها، ولأنَّ الضمير يرجع إلى ما تقدَّم.

بخلاف ما لو قال في جوابه: «أنا أُقِرُّ»؛ لأنَّه وعدٌ وليس إقراراً. أو قال: «لا أُنكِرُ»؛ لأنَّه لا يلزم من عدم الإنكار الإقرار، لأنَّ بينهما قِسْماً آخر، وهو السُّكوت. ولأنَّه يحتمل: لا أُنكر بطلان دعواك.

وكذا لو قال: «يجوز أن تكون مُحِقًّا»؛ لجواز ألَّا يكون محقًّا. أو قال: «خُذْ»؛ لاحتمال أن يكون مراده: خُذ الجواب منِّي. أو قال: «اتَّزِنْ»، أو «احْرِزْ»، أو «افتح كُمَّك»؛ لاحتمال أن يكون ذلك لشيءٍ غير المدَّعَى به.

- ولو قال المدَّعِي: «أليْسَ لي عليك كذا؟» فقال المدَّعَى عليه: «بلي»، كان إقراراً بلا خلاف؛ لأنَّ «بلى» جوابٌ للسؤال بحرف النفي؛ لقوله تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢]. بخلاف ما لو قال: «نعم»؛ فليس إقراراً؛ لأنَّ معناها هنا: ليس لك عليَّ كذا. إلَّا إذا كان عاميًّا؛ فيكون إقراراً؛ لأنَّ ذلك لا يعرفه إلا الحُذَّاق من أهل العربيَّة.