للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كتاب الوَقْف

أوَّلاً: تعريفُ الوَقْفِ:

الوقفُ لغةً: الحَبْسُ.

وشرعاً: هو تحبيسُ مالكٍ مطلقِ التَّصرفِ مالَه المُنتفَعَ به مع بقاء عَيْنِه، وتَسْبيلِ منفعته من غلَّةٍ، وثَمَرَةٍ، وغيرها على جِهَةِ برٍّ أو قُرْبَةٍ.

بمعنى أن يقوم المالك بحَبْسِ دارٍ، أو أرضٍ، أو بستانٍ، أو سيارةٍ، ونحو ذلك ممَّا يُمكن الانتفاع به؛ فيمنعُها عن كلِّ ما يَنْقِلُ مِلكيَّتها من بيعٍ، وشراءٍ، وهبةٍ، وميراثٍ، ونحو ذلك، ويجعل فوائدها من أُجرةٍ، أو غلَّةٍ، أو رَيْعٍ، وغير ذلك مصروفةً إلى جهة بِرٍّ أو قُربةٍ؛ كالفقراء والمساكين، أو المرضى، أو المساجد، أو الأقارب، أو فقراء آل زيدٍ، أو فقراء قبيلة عمروٍ، ونحو ذلك.

ثانياً: حكمةُ الوَقْفِ ومحاسنُه:

الوقفُ ممَّا اختصَّ به المسلمون؛ فلم يوجد قبل هذه الأمَّة، وهذا من مفاخر الإسلام وتشريعه الحكيم؛ إذ فيه من المصالح ما لا يوجد في سائر الصدقات؛ فقد يُنْفِقُ الإنسان أموالاً كثيرة في سبيل الله؛ على الفقراء، والمساكين، والأيتام وغير ذلك، ثمَّ يفنى المال؛ فيحتاج أولئك الفقراء تارة أخرى، ويجيءُ آخرون من الفقراء فيبقوا محرومين، بخلاف ما لو حَبَسَ شيئاً من ماله؛ كعقارٍ أو أرضٍ ونحو ذلك عليهم أو على غيرهم من مصارف البِرِّ والصدقات، فتكون لهم منافِعُه وغلَّتُه، ويبقى أصله، ينتفع به جيلٌ بعد جيلٍ؛ فيعمُّ الخيرُ، ويكثُر البِرُّ، ويدوم