للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التدنيس، وهذا من محاسن الشَّريعة؛ فإنَّ الناس لو تسلَّط بعضُهم على أعراض بعض لأدَّى ذلك إلى وقوع البغضاء والعَدَوات، وربما نُشوب الحروب الضَّروس بينهم؛ لذا كان من حكمة الشَّريعة أنْ حرَّمت القَذْف، وأوجبت فيه العقوبة في الدنيا.

رابعاً: حَدُّ القَاذِف:

مَنْ قَذَفَ غيره بالزِّنا أو اللِّواط؛ فإنَّه يُجلَدُ ثمانين جَلْدةً إن كان حرًّا؛ لقول الله ﷿: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: ٤]. وأربعين جَلْدةً إن كان رقيقاً، لقول عبد الله بن عامر بن ربيعة: (أَدْرَكْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، وعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَالخُلَفَاءَ هَلُمَّ جَرًّا. فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً جَلَدَ عَبْداً فِي فِرْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ) [رواه مالك]، ولأنَّه حدٌّ يتبعَّض؛ فكان الرَّقيق فيه على النِّصف من الحرِّ، كما في حدِّ الزِّنا.

خامساً: شُروطُ وُجوبِ حَدِّ القَذْف:

يجب إقامة حدِّ القَذْف بشروطٍ؛ منها ما يتعلَّق بالقاذف، ومنها ما يتعلَّق بالمقذوف؛ فأمَّا ما يتعلَّق بالقاذف فأربعة شروط:

الشرط الأوَّل والثاني: أن يكون بالغاً عاقلاً؛ فلو كان صغيراً أو مجنوناً؛ فلا حدَّ عليه؛ لقول النبيِّ : (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) [رواه أبو داود، والترمذي،