للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يقْصِدْ بها شيئاً ممَّا سبق، بل مُجرَّد النَّفع للمُعْطَى فهي هِبَةٌ، وعَطِيَّة، ونِحْلةٌ.

رابعاً: صيغةُ الهِبَة:

تنعقد الهِبَةُ بكُلِّ قولٍ أو فعلٍ يدلُّ عليها؛ كوَهَبْتُك، أو مَلَّكْتُك، أو أَعْطَيْتُك، أو هذا لَكَ، ونحو ذلك. أو يدفع إليه شيئاً بما يُفْهَمُ منه أنَّه هِبَة فيأخذه منه، أو يُرْسِلْ إليه بشيءٍ؛ كما لو أرسل إليه شاةً -مثلاً- وعنده ضِيفان، دون أن يقول له شيئاً، فيأخذها منه؛ فهي هِبَة؛ لدلالة الحال عليها. فليس للهِبَة صيغة معيَّنة، ولا لفظٌ معيَّن، بل كلُّ لفظٍ أو فِعْلٍ دلَّ عليها انعقدت به؛ لأنَّه كان يُهدِي وَيُهدَى إليه، ويُعطِي ويُعطَى له، وكان أصحابُه يفعلون ذلك، ولم يُنقَل عنهم في ذلك لفظُ إيجابٍ ولا قبولٍ، ولا أمْرٌ به ولا بتعليمه لأحدٍ، ولو كان ذلك شرطًا لَنُقِلَ عنهم نقلًا مشهوراً، بل كانوا يكتفون بأيِّ لفظٍ أو فِعْلٍ يدلُّ على ذلك، ولأنَّ دَلالة الرِّضا بنقل المِلك تقوم مقام الإيجاب والقبول.

خامساً: شروطُ صحَّة الهِبَة:

يشترط في الهبة ثمانية شروطٍ:

الشَّرط الأوَّل: أن تكون من جائز التَّصرف؛ بأن يكون الواهب بالغاً عاقلاً حرًّا رشيداً؛ فلا تصحُّ من الصغير، ولا المجنون، ولا العبد، ولا السَّفيه؛ لأنَّها تبرُّع، فلا تصحُّ إلَّا ممَّن يصحُّ تبرُّعه.

الشَّرط الثَّاني: أن يكون مختاراً غير هازلٍ؛ فلا تصحُّ من مُكْرَهٍ، ولا هازلٍ؛ لحديث أبي حُرَّةَ الرُّقَاشِي عن عمِّه أنَّ النبيَّ قال: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ