للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عُلمائنا يقولون: (قَضَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فِي الدِّيَةِ أَنْ لَا يُحْمَلْ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى العَاقِلَةِ حَتَّى تَبْلُغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، فَإِنَّهَا عَلَى العَاقِلَةِ -عَقْلُ المَأْمُومَةِ وَالجَائِفَةِ-، فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ فَصَاعِدًا حُمِّلَتْ عَلَى العَاقِلَةِ) [ذكره ابن حزمٍ في المحلَّى].

ولأنَّ الأصل وجوبُ الضَّمان على الجاني، ولكن خُولِفَ في ثُلُث الدِّيَةِ فأكثر؛ لإجحافه بالجاني لكثرته، فيبقى ما عداه على الأصل.

ويُستثنَى من ذلك: غُرَّة جَنينِ الحُرَّة إذا مات مع أُمِّه أو بعدها بجنايةٍ واحدةٍ؛ فتَحْمِلُ العاقِلَةُ الغُرَّة تَبَعاً لدِيَةِ الأمِّ؛ لاتِّحاد الجناية.

٥) قِيمَةُ المُتْلَفِ؛ لأنَّ الأصل وجوبُ ضَمانِ الأموال على مُتْلِفِها؛ كقِيمَةِ العَبْدِ، والدَّابَّة.

ثالثاً: كيفيَّة تحمُّل العاقِلَة للدِّية:

أ - تَحَمُّلُ العاقلة لدِيَةِ الخطأ وشِبْه العَمْد يكون مؤجَّلًا على ثلاث سنين؛ بالإجماع. ولأنَّ العاقلة تحملها مواساةً، فاقتضت الحكمة تخفيفها.

ب- يكونُ ابتداءُ حَوْلِ القَتْلِ من حين زُهوق رُوح المَجْنيِّ عليه، وابتداءُ حَوْل الجُرْح من حين البُرْء منه؛ لأنَّ أَرْش الجُرْح لا يَسْتقِرُّ إلَّا بِبُرْئه.

ج- يجتهدُ الحاكم في تَحْميلِ العاقِلَة؛ فيُحَمِّلُ كُلًّا منهم ما يَسْهُل عليه؛ لأنَّ تحمُّلَها مواساةٌ للجاني، وتخفيفٌ عنه، فلا ينبغي أن يُشَقَّ على غيره.