للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو أن يكون الرَّهْن بَعدَ ثبوت الدَّين؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾؛ حيث جعل الرَّهْن بدلاً عن الكتابة؛ فيكون في محلِّها؛ وهو بعد وُجوب الحقِّ. ومثاله: أن يُقرض رجلٌ آخر مالاً، ثمُّ يطالبُه بقضاء دينه عند حلول أجله؛ فيقول المُقْتَرِضُ: ليس عندي ما أقضيكَ به دَيْنَك؛ فيقول المُقْرِضُ: إذاً ارْهَنِّي سَيَّارتَك؛ فيقول: المُقْتَرِضُ: رَهَنْتُك سَيَّارتي.

- ولا يصحُّ الرَّهْن قبل ثبوت الدَّيْن؛ لأنَّ الرَّهْنَ تابعٌ له؛ فلا يصحُّ تقدُّمه عليه.

الثَّالث: أنْ يكون الرَّاهن ممَّن يصحُّ بيعُه وتبرُّعُه؛ لأنَّ الرَّهن تصرُّفٌ في المال؛ فلا يصحُّ إلَّا من جائز التصرُّف؛ وهو البالغ، العاقل، الرَّشيد.

الرَّابع: أنْ يكون الرَّاهن مالكاً للرَّهْن، أو مأذوناً له في رَهْنه؛ قال ابن المنذر: «وأجمعوا على أنَّ الرَّجُلَ إذا استعارَ من الرَّجُل الشيءَ يرهنُه على دنانير معلومة، عند رَجُلٍ سُمِّيَ له، إلى وقتٍ معلوم، فرَهَنَ ذلك على ما أُذِنَ له فيه، أنَّ ذلك جائز».

الخامس: أن يكون الرَّهْن معلوم الجِنْس، والصِّفة، والقَدْر؛ لأنَّه عقدٌ على مال؛ فيُشترَط العِلْم به، كما يُشترَط العِلْم بالمبيع، ولأنَّ المرتَهِن مأمور بردِّه بعد الوفاء بالدَّيْن؛ فإذا جُهِلَ ما يَتميَّز به عن غيره، تعذَّر رَدُّه، وأفضى إلى النِّزاع.

سادساً: ما ينعقدُ به الرَّهْن:

لا ينعقد الرَّهن إلَّا بإيجاب وقبول، أو ما يدلُّ عليهما من الرَّاهن والمرتهن؛ كأن يقول الرَّاهن: رَهَنْتُك هذه السيارة بما لك عليَّ من هذا الدَّيْن، فيقول