للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانياً: دِيَةُ المَنافِعِ:

- إذا جَنَى إنسانٌ على منفعة أحد أعضاء جسم الإنسان مع بقاء العضو؛ كفَقْد العَقْل، أو حاسَّة الشمِّ، أو القُدْرَة على النُّطْق، أو التذوُّق، أو البَصَر، ونحو ذلك من منافع الأعضاء، ففيه دِيَةٌ كاملةٌ؛ لأنَّ كلَّ ما تعلَّقت الدِّيَةُ بإتلافه تعلَّقت بإتلاف منفعته. ولأنَّ ذهاب منفعة العضو تُصَيِّره كالمعدوم، كما لو قطعه.

- وتجبُ الدِّيَة كاملةً في الجناية على العقل بالإجماع، ولأنَّه أكبر المعاني قدراً، وأعظمُ الحواسِّ نفعاً؛ إذ يتميَّزُ به الإنسان عن البهائم، وهو مناط التكليف، وبه تُدْرك الحقائق، ويُهتَدَى به إلى المصالح، إلى غير ذلك من المنافع.

- وتجبُ الدِّيَة كاملةً في حَدَبٍ؛ لأنَّ انتصاب القامة من الجمال والكمال، وبه يتشرَّف الآدميُّ على سائر الحيوانات.

- وتجبُ الدِّيَة كاملةً في ذهاب منفعة المشي؛ لأنَّ منفعته مقصودةٌ، أشبه منفعة الكلام.

- وتجبُ الدِّيَة كاملة في ذهاب منفعة نكاح، وأَكْل، وصَوْت، وبَطْشٍ؛ لأنَّ في كلٍّ منها نفعاً مقصوداً.

- ومن أفزع إنساناً، أو ضَرَبه، فصار لا يستمسك غائطاً، أو لا يستمسك بولًا، أو لا يستمسك ريحاً، ولم يَدُمْ؛ فعليه ثُلُث الدِّيةِ؛ لما ثبت (أَنَّ عُثْمَانَ قَضَى فِي الَّذِي يُضْرَبُ حَتَّى يُحْدِثَ بِثُلُثِ الدِّيَةِ) [رواه عبد الرزاق].