للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثاً: الحِكمَةُ من تَحريمِ الزِّنا:

الزِّنا حرَّمه الله في جميع الشرائع؛ لعِظَم فُحْشِه، وكَثْرة أَضْراره؛ فهو يُفسِدُ الأنساب، ويُدمِّر الأفراد والمجتمعات، ويقضي على العِفَّة والفَضيلة، ويُحوِّل الإنسان إلى شبه حيوانٍ لا هَمَّ له إلَّا إفراغ شهوته بأيِّ وسيلةٍ؛ فكان من رحمة الله تعالى بعباده أن حرَّمه عليهم، وزَجَرَهم عنه بالحدود الشديدة التي تختلف باختلاف حال الزَّاني.

رابعاً: عُقوبَةُ الزَّاني:

الزَّاني إمَّا أن يكون مُحْصَناً أو غير مُحْصن، والمُحْصن: هو من وَطِئَ زوجتَه في قُبُلِها بنكاحٍ صحيحٍ، وهما حُرَّان بالغان عاقلان. فإنْ تخلَّف قيدٌ من هذه القيود لم يكن مُحْصَناً. وكذا المرأة تكون مُحْصَنةً بتلك القيود.

أ - فإذا كان الزَّاني مُحْصناً -رجلًا أو امرأةً- وَجَبَ رَجْمُه بحجارةٍ متوسِّطةٍ كالكفِّ حتَّى يموت؛ حكاه ابن حَزْم إجماعًا؛ لحديث ابن عبَّاس قال: (قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ : إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الحَبَلُ، أَوِ الِاعْتِرَافُ)