للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل أحكام المضطرِّ

المُضْطَرُّ هنا: هو من أصابَتْهُ ضرورةٌ ألجأته إلى أَكْلِ مُحرَّمٍ، بحيث يخاف على نَفْسه التَّلَف إن لم يأْكُل منه، أو يخاف إن ترك الأكل أن يعجز عن المشي وينقطع عن رفقته فيهلك، أو يعجز عن الركوب فيهلك، ونحو ذلك.

- فمن اضْطُرَّ إلى أَكْل مُحرَّمٍ -غير سمٍّ ونحوه- حضراً أو سفراً، وَجَبَ عليه الأَكْل من ذلك المُحرَّم ما يسدُّ به رَمَقَه، ويأْمَنُ معه الموت؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]، وقوله سبحانه: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: ٣].

- وليس له أن يأْكُلَ إلى حَدِّ الشّبَع؛ لأنَّ الله تعالى حَرَّم الميتة، واستثنى ما اضطُرَّ إليه، فإذا اندفعت الضرورة لم تَحِلَّ، كحالة الابتداء.

- فإن كان في سَفَرٍ؛ فلا يَحِلُّ له الأَكْلُ من المُحَرَّم، إلَّا أن يكون سَفَرُه مُباحاً. فإن كان في سَفَرٍ مُحرَّمٍ، ولم يَتُبْ، فلا يَحِلُّ له أَكْلُ المُحرَّم؛ لأنَّ أَكْلَ المُضطرِّ للمُحرَّم رُخصةٌ، والعاصي ليس من أَهْل الرُّخَصِ، وقد قال تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣].

- ويجوز للمُضطرِّ أن يتزوَّد من الطعام المُحرَّم إن خاف الحاجةَ إن لم يتزوَّد؛ كما يجوز التيمُّم مع وجود الماء إن خاف العَطَش باستعماله.