للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- أو يقول لزوجة شخص: «قد فَضَحْتِ زَوْجَكِ»؛ لأنَّه يحتمل أن يكون فَضحْتيه بشكواكِ، أو: «نَكَّستِ رأسَه»؛ لأنَّه يحتمل أن يكون حياءً من النَّاس، أو: «علَّقتِ عليه أولاداً من غيره»؛ لأنَّه يحتمل أنَّها التقطتْ أولاداً ونَسبَتهم إليه. أو: «أَفْسَدْتِ فِراشَه»؛ لأنَّه يحتمل أن يكون بالنُّشوز والشِّقاق، أو مَنْع الوطء.

فهذه الألفاظ كنايةٌ؛ لأنَّها تحتمل غير الزِّنا؛ فإن أراد بها حقيقة الزِّنا حُدَّ؛ للقَذْف، لأنَّ الكناية مع نيَّة أو قرينة كالصرِّيح في إفادة الحكم. وإن فسَّرها بأمرٍ محتمَل غير القَذْف -كما سبق- عُزِّر؛ لارتكابه معصيةً لا حدَّ فيها، ولا كفَّارة.

ثامناً: حُكْمُ قَذْفِ جَماعَةٍ:

- من قَذَفَ جماعةً أو أهل بَلْدةٍ لا يُتصوَّر الزِّنا منهم عادةً، فإنَّه لا يُحدُّ بذلك؛ لأنَّه لا عار عليهم بذلك، للقَطْع بكَذِب القاذف. وإنَّما يُعزَّر على ما أتى به من المعصية والزُّور؛ كما لو سبَّهم بغير القَذْف.

أمَّا إن كان يُتصوَّر الزِّنا منهم عادةً، وقَذَفَ كلَّ واحدٍ منهم بكلمةٍ؛ كأن يقول: «فلانٌ زانٍ، وفلانٌ، وفلانٌ»، فلكلِّ واحدٍ حدٌّ؛ لتعدُّد القَذْف، وتعدُّد مَحَلِّه، كما لو قَذَفَ كلَّ واحدٍ منهم وحده من غير أن يقذف الآخر.

وإن قَذَفهم إجمالًا بكلمةٍ واحدةٍ؛ كما لو قال: «هم زُناةٌ»، أو «كلُّ هؤلاء زناةٌ»، فإنَّه يُحدُّ حدًّا واحداً؛ لقول الله ﷿: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ