للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فله أن يتصرَّف في ذِمَّته، لكن ليس له أن يتصرَّف في ماله.

خامساً: أحكام الحَجْر على المَدِين:

من أحكام الحَجْر على المدين ما يلي:

- تحرُمُ مُطالبةُ المدين والحَجْر عليه بدَيْنٍ -غير قَرْضٍ- لم يحلّ؛ لأنَّه لا يلزمه أداؤُهُ قبل حلول أجله، فلا يُطالبُ به، ولا يُحجَرُ عليه من أجله.

- إذا أراد المدين السفر، ولم يوثِّق دَيْنَه برَهْنٍ يفي بالدَّين، أو بكفيلٍ مليءٍ (غنيٍّ)، فللدَّائن منعه من السفر، سواء كان الدَّيْن يَحِلُّ قبل عودته من سفره أم لا، وسواء كان السَّفر مَخُوفاً؛ كالسفر لجهاد -غير متعيَّن- ونحوه، أو غير مَخُوفٍ؛ لأنَّ الدائن سيتضرَّر بتأخير حقِّه، كما أنَّ قدوم المدين غير متيقَّن. أمَّا إذا وثَّق دَيْنه برَهْنٍ يفي بالدَّين، أو بكفيلٍ مليءٍ، فليس للدائن حينئذٍ منعه من السفر؛ وذلك لانتفاء الضرر.

- لا يحلُّ الدَّيْن المؤجَّل إذا طرأ على المدين جنون؛ لأنَّ الأجل حقٌّ له؛ فلا يسقط بجنونه.

وكذا لا يحلُّ الدَّيْن بموت المدين؛ لأنَّ الأجل حقٌّ للميِّت، فينتقل إلى ورثته؛ لقول النبيِّ : (مَنْ تَرَكَ حَقًّا أَوْ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ) (١). لكن يُشترط أن يقوم الورثة بتوثيق هذا الدَّين برَهْنٍ يفي به، أو بكفيلٍ مَليءٍ؛ وذلك صوناً لحقِّ الدائن من الضياع؛ لأنَّ انتقال المال إلى الورثة مظنَّة ضياع الحقِّ، فيُحتاط لذلك بتوثيقه. فإنْ


(١) استدلَّ الحنابلة على قولهم في المسألة بهذا الحديث، ولم نقف عليه بهذا اللفظ. وإنَّما رواه البخاريُّ ومسلمٌ وغيرهما بلفظ «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ … ». ولذا قال الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» (٣/ ١٣٧): «أورده الشافعي هنا بلفظ: (من ترك حقًّا)، ولم أره كذلك».