للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل شروط من تقبل شهادته]

لا تقبل شهادةٌ من أحدٍ إلَّا إذا توفَّرت فيه ستَّة شروطٍ، تَعْتَبرُ خُلُوَّه ممَّا يُوجِب التُّهْمة فيه، ووجود ما يُوجِب تيقُّظه، وتَحَرُّزه؛ حتَّى يحصل غَلَبة الظَّنِّ بصِدْقه، وهذه الشروط هي:

الشرط الأوَّل: البُلُوغ.

فلا تُقبل شهادة الصغير مطلقاً، ذَكَراً كان أو أُنْثَى، ولو كان متَّصفاً بما يتَّصف به المُكَلَّف من العَدالَة؛ لقوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]. والصبيُّ ليس رجلًا.

ولأنَّ الصغير لا يُقْبَل قوله في حقِّ نَفْسِه؛ لنَقْصِ أَهْلِيَّته، ففي حَقِّ غيره أَوْلَى.

الشرط الثاني: العَقْل.

والعاقل: هو من عَرَفَ الواجب عَقْلًا، الضروريَّ وغيرَه، وعَرَفَ المُمْكِن والمُمْتَنِع؛ كوجود الله تعالى، وكون الجسم الواحد ليس في مكانين، واستحالة اجتماع الضِّدَّيْن، وكون الواحدِ أقلَّ من الاثنين، وعَرَفَ ما ينفعُه وما يضرُّه غالباً.

فلا تقبل شهادةُ مجنونٍ، ولا مَعْتوهٍ؛ لأنَّه لا يمكنه تحمُّل الشهادة ولا أداؤها؛ لأنَّها تحتاج إلى الضَّبْط، وهو لا يعقله.