وأمَّا من يُجنُّ أحياناً ويفيق، فتُقبَل شهادتُه إذا تحمَّلها وأدَّاها في حال إفاقته؛ لأنَّها شهادةٌ مِنْ عاقلٍ، أشبه مَنْ لم يجنَّ.
الشرط الثالث: النُّطْق.
وهو كون الشاهِد متكلِّماً؛ فلا تُقبَلُ شهادةُ الأَخْرَس بالإشارة ولو فُهِمَت؛ لأنَّ الشهادَةَ يُعتَبر فيها اليقين، وهو لا يحصل بالإشارة، ولكن إن أدَّى الأَخْرَسُ الشهادَةَ بخَطِّه قُبِلَت؛ لدلالة الخطِّ على الألفاظ.
الشرط الرابع: الحِفْظ.
فلا تُقبَلُ شهادةُ مغَفَّلٍ، ولا معروفٍ بكثرة الغَلَط والسَّهْو؛ لأنَّه لا يحصل الثقة بقوله، ولا يغلب على الظنِّ صدقه؛ لاحتمال أن يكون من غَلَطِه.
أمَّا من يَقِلُّ منه الغَلَط والسَّهْو، فتُقبَلُ شهادته؛ لأنَّ هذا لا يَسْلَم منه أَحدٌ.
الشرط الخامس: الإِسْلام.
فلا تُقبَلُ شهادةُ كافرٍ ولو على مِثْلِه؛ لقوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وقوله ﵎: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢]. فالكافر ليس من رِجالنا، وهو غير مأمونٍ، فلم تُقبَل شهادَتُه.
ولكن تُقبَلُ شهادَةُ رَجُلَيْن من أهل الكتاب عند عَدَم مُسلِمٍ، إذا كانت في الوصيَّة في السَّفَر ممَّن حَضَرَه الموت من مُسلِمٍ أو كافرٍ، فتُقبَلُ شهادَتُهما في هذه المسألة فقط. ومع الرَّيْب في أنَّهما كتما شيئاً حَلَّفهما الحاكم وجوباً بعد العَصْر: