للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثاً: أحكامُ الدِّيَة:

أ - على من تجبُ الدِّيَة:

من أتْلَفَ إنساناً مُسلِماً، أو ذِمِّيًّا، أو مُعاهَداً، أو أتْلَفَ جُزْءًا منه، بمباشرةٍ أو سَبَبٍ؛ فلا يخلو ذلك من أن يكون عَمْداً، أو غير عَمْدٍ.

١) فإن كان عَمْداً: وجبت الدِّيةُ في مال المُتْلِف؛ لأنَّ الأصل يقتضي أنَّ بَدَلَ المُتْلَفِ يجبُ على مُتْلِفِه، وأَرْشُ الجناية على الجاني، ولأنَّ العاقلةَ لا تحملُ عمْداً؛ لأنَّ العامِدَ غير معذورٍ، فلا يوجد فيه المعنى المقتضي للتخفيف والمواساة كما في الخطأ.

٢) وإن كان غير عَمْدٍ: كالخطأ وشِبْهِ العَمْد، وجبت الدِّيةُ على عاقلة الجاني؛ لما روى أبو هريرة قال: (اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا … ) [رواه البخاري، ومسلم].

ولأنَّ جنايات الخطأ تقع كثيراً، ودِيَةُ الآدمي كثيرةٌ، فإيجابها على الجاني في ماله فيه إجْحافٌ به، ولمَّا كان معذوراً بفعله، أوجبها الشرع على العاقلة مواساةً للقاتل.

ب- ضمانُ الجناية بالمُباشَرَةِ والسَّبَب:

من القواعد المهمَّة في باب الضمان: أنَّه «إذا اجتمع المُباشِرُ والمُتَسَبِّبُ