للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* مكانتُهُ وثناءُ الناس عليه:

تَبَوَّأ الإمام أحمد مكانة عالية بين أئمَّة هذا الدِّين، فقد أثنى عليه أكابر علماء عصره، وشهدوا له بالإمامة والديانة وعُلوِّ المنزلة ورِفْعة القَدْر، ولا أدلَّ على ذلك من عبارة الإمام الشافعي فيه إذ يقول: «خَرَجتُ مِنْ بَغْدَادَ، فَمَا خَلَّفتُ بِهَا رَجلاً أَفْضَلَ، وَلَا أَعْلَمَ، وَلَا أَفْقَهَ، وَلَا أَتْقَى مِنْ أَحْمَد بنِ حَنْبَلٍ».

وكان يقول: «أحمدُ إمامٌ في ثَمَانٍ: إِمامٌ في الحديث، إِمامٌ في الفِقْهِ، إِمامٌ في اللُّغَةِ، إِمامٌ في الْقُرْآنِ، إِمامٌ في الْفَقْرِ، إِمامٌ في الزُّهْدِ، إِمامٌ في الْوَرَع، إِمامٌ في السُنَّةِ».

* محنتُهُ:

اُبْتُليَ الإمام أحمد كما هي سُنَّة الله الجارية في ابتلاء الصالحين، وكان بَلَاؤُه بسبب مسألة عُرفت ب «مسألة خَلْقِ القُرْآن»؛ وذلك أنَّ الناس كانوا على معتقد السلف الصالح من الصحابة وتابعيهم في أنّ القرآن كلامُ الله ﷿ غير مخلوق؛ حتَّى ابتدعت المعتزلة -إحدى الفرق الضَّالة- هذه المقالة، وهي: أنَّ القرآن مخلوق. يقول الإمامُ الذهبيُّ : «فَإِنَّ الأُمَّةَ مَا زَالتْ عَلَى أَنَّ القُرْآنَ العَظِيْمَ كَلَامُ الله تَعَالَى وَوَحْيُه وَتَنْزِيْلُه، لَا يَعْرِفُوْنَ غَيْرَ ذَلِكَ، حَتَّى نَبَغَ لَهُمُ القَوْلُ بِأَنَّهُ كَلَامُ الله مَخْلُوْقٌ مَجْعُولٌ، وَأنَّه إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى الله تَعَالَى إِضَافَةَ تَشرِيفٍ؛ كَبَيتِ الله، وَنَاقَةِ الله. فَأَنكرَ ذَلِكَ العُلَمَاءُ» (١).

وكان الخليفة في ذلك الوقت هو المأمون العباسيُّ (عبد الله بن هارون الرشيد)،


(١) «سير أعلام النبلاء» (١١/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>