للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما لو وَهَبَهُ حيواناً، أو ثياباً، أو سيَّارة، أو ثلاجة، ونحو ذلك؛ فقَبْضُه يكون بنَقْلِه. وإن كان ممَّا يُتناول باليد؛ كما لو وَهَبَه نُقوداً، أو كتاباً، أو ساعة، أو قلماً، ونحو ذلك؛ فقَبْضُه يكون بتناوله. وإن كان الموهوب غير ذلك ممَّا لا يُنْقَلُ؛ كالدُّور، والأراضي، والمزارع، والبساتين، ونحو ذلك؛ فقَبْضُه يكون بتَخْلِيَتِه؛ بأنْ يُخَلِّي الواهبُ بينه وبين الموهوب له.

ثامناً: الهِبَةُ للصغير والمجنون:

إذا وُهِبَ شيءٌ لصغيرٍ، أو مجنونٍ، أو سفيهٍ، صحَّت الهِبَةُ، وتولَّى وَلِيُّهم القائم بمصالحهم؛ من أبٍ، أو وصيٍّ -إن عُدم الأب الأمين-، أو حاكمٍ، أو أمينه القبول والقبض عنهم؛ لفقدانهم أهليَّة التصرُّف فكان ذلك إلى وليِّهم؛ لأنَّه قبول لما للمحجور عليه فيه حظٌّ ومصلحة.

لكن يصحُّ من الصغيرِ والمجنونِ والسفيه قبضُ المأكول الذي يُدْفَعُ مثلُه للصغير عادة؛ لحديث أبي هريرة قال: (كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءُوا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ ، فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا … ، قَالَ: ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ لَهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ) [أخرجه مسلم].

وإذا وهبَ الأبُ لولده الصغير شيئاً تولَّى هو القبضَ عنه؛ ولا يحتاج إلى توكيل مَنْ يقوم مقام وَلَدِه في القبول والقبض؛ لانتفاء التُّهْمَة عنه؛ قال ابن المنذر: «أجمعَ كلُّ مَنْ نحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلْمِ على أنَّ الرَّجُلَ إذا وَهَبَ لوَلَدِهِ الطِّفلِ داراً بِعَيْنِها، أو عبداً بِعَيْنِهِ، وَقَبَضَهُ له مِنْ نفْسِه، وأَشْهَدَ عليه، أنَّ الهِبَةَ تامَّةٌ» [الإشراف على مذاهب العلماء (٧/ ٨٣)].