للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّيلَةِ البَارِدَةِ ذَاتِ الرِّيحِ: صَلُّوا في رِحَالِكُمْ) [رواه ابن ماجه]. فدلَّ ذلك على أنَّ شدَّة البَرْد ممّا يُلحِق المشقَّة بالمصلِّي؛ فجاز الجمع بسببه.

ثالثاً: المفاضَلَةُ بين جَمْعِ التقديم وجَمْعِ التأخير:

لا مفاضلة بين جَمْع التقديم وجَمْع التأخير، وإنَّما الأفضل ما كان أرفق بالمعذور؛ لأنَّ الجَمْع إنَّما شُرِعَ لرفع الحرج والمشقَّة، وقد فعل النبيُّ الأمرين بحسب الأرفق به؛ كما في حديث معاذ : (أَنَّ رَسُولَ الله كَانَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِنْ يَرْتَحِلْ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ، وَفي المَغْرِبِ مِثْلَ ذَلِكَ إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَإِنْ يَرْتَحِلْ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ المَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا) [رواه أبو داود والترمذي].

رابعاً: شروطُ جَمْع التقديم:

إذا جَمَع المعذورُ جَمْع تقديم، فإنَّه يُشتَرَطُ لذلك ما يأتي:

١) نيَّة الجَمْع عند الإحرام بالصلاة الأُولَى؛ لأنَّ الجمع عمل، وهو مُفتقِرٌ إلى النيَّة؛ كما في الحديث: (إِنَّما الأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ) [رواه البخاري ومسلم].

٢) أن لا يُفرِّق بين الصلاتين بنافلة؛ فينبغي لصحَّة الجمع أن يوالي بين الصلاتين ولا يفصل بينهما بفاصل طويل عُرْفاً؛ بنحو صلاة نافلة، بل بقَدْر إقامة أو وضوء خفيف؛ لأنَّ معنى الجمع المقارنة والمتابعة، وقد ثبت ذلك من حديث أسامة بن