للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك ممَّا يحصل به التعيين، ويرفع الجهالة.

فلا يصح أن يقول: أودعت أحد هذين الرجلين مائة دينار، أو أودعت رجلاً مائة دينار -من غير تعيين-؛ لجهالة المودَع.

كما لا يصحُّ أن يقول: أودعتك أحد هذين المالين؛ لأنَّ الوديعة غير معيَّنة، فصارت مجهولة.

رابعاً: حِفْظُ الوَديعَة:

يُستحبُّ لمن يعلم من نفسه القُدرة على حفظ الأمانات لأهلها أن يقبل حِفظَ الوديعة؛ لما فيه من قضاء حاجة الناس، ومعاونتهم، وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : (وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [رواه مسلم].

فإذا قَبِلها فإنَّه يلزمه أن يحفظَها في حِرْز مثلها؛ أي: في مكان مناسب لحفظِها ممَّا جرت به عادة الناس أن يحفظوا فيه أموالهم الخاصَّة؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨]. ووجه الدلالة: أنَّه لا يمكنه أداؤها بدون حفظها، والمقصود من الإيداع الحفظ.

والأصلُ أنْ يحفظَ المودَع الوديعة بنفسه، وله أنْ يدفَعَها إلى من يقوم مقامه في الحِفظِ؛ كزوجته، أو ولده، أو خادمه، أو خازنه، إن كانوا أهلاً لحفظها؛ فإن تلفت في يد واحد منهم من غير تعدٍّ أو تقصير، لم يضمن؛ لأنَّه مأذون فيه عادة.

ولو دفع المودَع الوديعة إلى غيره من الثقات لعذرٍ؛ كسفرٍ لا يمكنه حفظها