للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- إذا قال المدَّعَى عليه للمدَّعِي: صالحني عمَّا تدَّعيه، لم يكن هذا إقراراً له بالحقِّ الذي ادَّعاه؛ لأنَّه يحتمل أنَّه أراد صيانة نفسِهِ عن التبذّل، أو عن حضور مجلس الحُكْم بذلك؛ فإنّ ذوي المروءات يصعب عليهم ذلك، ويرون رفع ضررها عنهم من أعظم مصالحهم.

- إذا صالَحَ أجنبيٌّ عن مُنكِرٍ للدَّعوى، صحَّ الصلح، أَذِنَ له المنكِر أو لا؛ كما لو ادَّعى زيد على عمروٍ أنَّ الدار التي بيده حقٌّ له، فأنكر ذلك عمرٌو، فصالح بَكْرٌ زيداً على شيء من المال مقابل قطع هذه الخصومة عن عمرٍو، فيجوز ذلك؛ أَذِنَ عمرٌو لبَكْرٍ أو لم يأذن؛ وذلك لجواز قضاء الدَّين عن الغير بإذنه وبغير إذنه، وقد مرَّ دليل ذلك في باب الضمان؛ من إقرار النبيِّ لأبي قتادة على ذلك.

لكنَّه إذا أدَّى عنه بَكْرٌ بغير إذنه فليس له الرجوع عليه؛ لأنَّه أدَّى عنه ما

لا يلزمه، فكان كالمتبرِّع. بخلاف ما لو أَذِنَ له عمرٌو في الصلح أو الأداء، وقد نوى بَكْرٌ الرجوع على عمرٍو، فله الرجوع عليه حينئذٍ؛ لأنَّه في حكم الوكيل عنه.

خامساً: مسائلُ في الصُّلْح:

- إذا صالَحَه عن عيبٍ في المبيعِ بشيءٍ معين؛ كعشرة دنانير مثلاً، أو منفعةٍ؛ كسكنى دارٍ معيَّنةٍ شهراً، صحَّ الصلح؛ لأنَّه يجوز أخذُ العِوَضِ عن عيب المبيعِ، لكن لو زال العيب سريعاً بِلَا كُلْفَةٍ ولا تعطيل نفعٍ عَلَى مُشْتَرٍ؛ بأن كان المبيعُ مريضاً فعُوفِي، أو تبيَّن أنَّه لم يكن عيباً، رجَعَ البائع على المشتري بما دفعه؛ لأنَّه تبيَّن عدم استحقاقه.

- إذا صالحَه عن دَيْنِه بشيءٍ في الذمَّة؛ كأنْ يكون له عنده خمسون ديناراً فيصالحه