للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه آثار البيع؛ فله ردُّه بالعيب؛ فمثلاً: لو كان ما يدَّعيه فَرَساً وصالحه المدَّعَى عليه بجَمَلٍ، فوجد به عيباً فله ردُّه والمطالبة بفرسه. وأيضاً لو كان ما يدعيه داراً فصالحه المدَّعَى عليه على نصيبه من أرضٍ له نصفها، ولشريكه النصف الآخر، فينتقل هذا النصف إلى ملك المدَّعِي، ويكون لشريك المدَّعَى عليه حقُّ الشُّفعة على المدَّعِي، فله أخذها منه بالشفعة.

بينما يكون هذا الصلح في حقِّ المدَّعى عليه إبراءً؛ لأنَّه ليس في مقابلة حقِّ ثبت عليه، فلا تترتَّب عليه آثار البيع؛ فليس له الردُّ بالعيب؛ فلو وجد في الفَرَس الذي ادَّعاه عليه المدَّعي -وأنكره هو- عيباً؛ فليس له ردُّه؛ لأنَّ هذا مقتضى الإقرار والإنكار، وهو ينكر كونه للمدَّعي بل يعتقد أنَّه ملكه.

كما يسقط حقُّ الشفعة؛ كما لو ادَّعى عليه نصف أرضه، فأنكر ذلك، لكنَّه صالحه على مبلغٍ من المال، فليس لشريك المدَّعى عليه في النصف الآخر حقُّ الشفعة، لأنَّه ليس بيعاً في حقِّ المدعى عليه، بل ملكه كما يعتقد، وإنَّما دفع هذا العِوَض؛ قطعاً للخصومة، وحسماً للنزاع.

- وهذا الصلح مبنيٌّ على صِدْق ادَّعاء كلٍّ منهما؛ المدَّعي في دعواه، والمدَّعى عليه في إنكاره؛ أمَّا إن كان أحدهما يعلم أنَّه كاذب، فالصلح حينئذٍ يكون باطلاً في حقِّه؛ لأنَّه إن كان الكاذب هو المدَّعي؛ فإنَّ الصلح مبنيٌّ على دعواه الباطلة، وإن كان هو المدَّعى عليه فإنَّ الصلح مبنيٌّ على جَحْدِه حقَّ المدَّعي. وحينئذٍ يكون ما أخذه الكاذب منهما حراماً لا يحلُّ له؛ لأنَّه أَكْلُ مال الغير بالباطل، ولقوله : (إِلَّا صُلْحاً حَرَّمَ حَلَالاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَاماً).