تكَوَّنَ المذهبُ الحنبليُّ في بغدادَ؛ محلِّ مولدِ الإمامِ أَحمدَ ووفاتِه، ومنها انتشَر في أَنحاءِ العراقِ، وخاصَّة في الزبير، ولم ينتشِرْ خارجَ العراقِ إلَّا في القرنِ الرّابعِ فما بعدُ؛ حيثُ خَرَجَ المذهبُ إلى الشّامِ، وهو القاعدةُ الثانيةُ للمذهبِ، وفي القرنِ السّادسِ فما بعدَهُ دخَلَ المذهبُ إلى مصرَ، وكان له وجودٌ وانتشارٌ في: إقليمِ الدَّيْلمِ، والرّحابِ، وبالسُّوسِ من إِقليمِ خُوزِستانَ، وفي بلادِ الأَفغانِ، وفي جزيرةِ العربِ: في نجدٍ -وهي القاعدةُ الثالثةُ للمذهبِ-، وفي الحجازِ، والأَحساءِ، وقطرٍ، والبحرينِ، والإماراتِ العربيّةِ، وعُمَانَ، والكويتِ.
وأخَذ المذهبُ في القوّةِ والانتشارِ على يدِ تلاميذِ الإمامِ أَحمدَ، الّذينَ دوَّنُوا مذهبَه في كتبِ المسائلِ عنه، ثم جمَع الخلّالُ (ت: ٣١١ هـ) ما أمكنَه منها في
(١) انظر: «نظرة تاريخيّة في حدوث المذاهب الفقهيّة الأربعة» (ص ٨١ - ٨٤) لأحمد تيمور باشا، و «دائرة المعارف الإسلامية» (١/ ٤٩٤ - ٤٩٥)، و «مفاتيح الفقه الحنبليّ» لسالم علي الثّقفيّ (٢/ ٤١٧ - ٤٣٠)، و «المَدْخَل المُفصَّل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل» لبكر أبو زيد (١/ ٤٩٨ - ٥٠٩).