للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ذلك بإرْدَبِّ قمح، أو شعير، ونحو ذلك، في ذمَّته، فيصحُّ الصلح، لكنَّه يبطل إذا تفرَّقا قبل القبض؛ لأنَّه إذا حصل التفرُّق قبل القبضِ كان كلُّ واحدٍ من العِوَضَيْنِ دَيْناً، لأنَّ محلَّهُ الذِّمَّة، فيصير بيع دَيْنٍ بدَيْنٍ، وهو منهيٌّ عنه شرعاً.

- لا يَصِحُّ الصُّلحُ عن دَيْنٍ مؤجَّل ببعضه حالًّا؛ كما لو كان لرجل على آخر ألف دينار مؤجَّلة إلى سنة، وفي أثناء تلك السَّنَة قال الدَّائن للمَدين: أعطني خمسمائة حالَّة وأُبرئك من الباقي، فهذا الصلح لا يجوز؛ لأنَّ المحطوط عِوَضٌ عن تعجيل ما في ذمَّته، ولا يجوز بيع الحلول والأجل.

- يَصِحُّ الصُّلحُ عن المجهول الذي تعذَّر معرفته -سواءً كان ديناً أو عيناً- بمعلومٍ حالًّا ومؤجَّلاً؛ كرجلين بينهما معاملة، وحساب مضى عليه زمن، ولا علم لواحد منهما بما عليه لصاحبه، فلهما أن يصطلحا على شيءٍ ويتراضيا به؛ لقوله لرجلين اختصما في مواريث دَرَسَتْ بينهما: (فَاذْهَبَا فَاقْتَسِمَا، ثُمَّ تَوَخَّيَا الحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهِمَا، ثُمَّ لِيَحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ) [رواه أحمد وأبو داود]، ولأنَّه إسقاط حقٍّ فصحَّ في المجهول؛ للحاجة، ولما فيه من إبراء الذمم، وإيفاء ما يمكن من الحقوق. وهذه الصورة مستثناةٌ من صور بيع الدَّيْن بالدَّيْن.

فأمَّا إذا أمكن معرفته ولم تتعذَّر؛ كما لو صالح الورثة زوجة أبيهم على شيء من المال لتتنازل عن حقِّها من الإرث ولا يُعلم قدر حقِّها، لكن يمكن معرفته؛ وذلك بحصر مال مورِّثها، فقولان: أشهرهما الجواز؛ قطعاً للنزاع.

- إذا قال الدَّائن للمَدِين: أَقِرَّ لي بدَيْنِي، وأعطيك منه مائة، أو أقرَّ لي بدَيْنِي وخُذْ منه مائةً -مثلاً-، فأقرَّ، صَحَّ الإقرار، ولزمه الدَّيْن؛ لأنَّه حقٌّ ثابتٌ قد أقرَّ