للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك؛ لأنَّ الهبة تمليك، ومقتضى المِلك التَّصرُّف المطلق؛ فاشتراط عدم البيع أو الهبة ينافي مقتضاه. وتصحُّ الهبة في هذه الحال مع فساد الشرط؛ كما لو باعه شيئاً بشرط ألا يخسر فيه؛ فيصحُّ البيع ويفسد الشرط.

الشَّرط الثَّامن: أن تكون بغير عوض؛ لأنَّها تبرُّع؛ وهذا يقتضي انتفاء العوض والمقابل. فإن اشترط الواهب أن يأخذ عوضاً على هبته؛ كما لو قال له: وهبتك داري على أن تهبني سيارتك مثلاً لم تكن حينئذٍ هبة وإنَّما بيعٌ بلفظ الهبة. وهو صحيح إذا كان العِوض معلوماً، ويثبت له أحكام البيع؛ من خيار المجلس، والرَّدِّ بالعيب ونحو ذلك؛ لأنَّه تمليك بعوض معلومٍ؛ أشبه ما لو قال له: بِعتك أو ملَّكتُك هذا بهذا. أمَّا إذا كان العوض مجهولاً؛ كما لو قال له: وهبتك سيارتي على أن تقضي لي حاجة أو تعطيني شيئاً؛ فلا تصحُّ الهبة حينئذٍ؛ لأنَّه عِوض مجهول في معاوضة؛ فلم يصحَّ العقد؛ كما في البيع.

* حُكمُ من أَهْدَى ليُهدَى له أكثر:

من أهدَى شيئاً ليُهدَى له أكثر منه؛ كمَنْ يُهدِي الملوك أو الأغنياء ليعطوه أكثر؛ فلا بأس بذلك لغير النبيِّ ؛ لقول شريحٍ: « … وَالجَانِبُ المُسْتَغْزر يُثَابُ مِنْ هِبَتِهِ، أَوْ تُرَدُّ عَلَيْهِ» [أخرجه عبد الرزَّاق، وابن أبي شيبة].

قال ابن الأثير في «النِّهاية»: «الجانِبُ: الغَرِيبُ. يقال: جَنَبَ فلان في بَنِي فُلان يَجْنُب جَنابة فهو جَانِب: إذا نزل فيهم غَرِيباً؛ أي أنَّ الغَرِيب الطَّالب إذا أهْدَى إليك شَيْئاً ليَطْلُب أكْثَر منه فأعْطِه في مُقابَلَة هَدِيَّتِه. ومَعْنَى المسْتَغْزِر: الذي يَطْلُب أَكْثَر ممَّا أعْطَى».