للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو نائبه، ويَحرُمُ استيفاؤه بغير حضور أحدهما؛ لأنَّ القِصاص يفتقر إلى اجتهاد، ويَحرُم الحَيْف فيه، ولا يُؤمَن ذلك مع قصد المُقْتصِّ التشفِّي بالقصاص.

فإنِ اقتصَّ وليُّ الدَّم بغير حضور السلطان أو نائبه، وقع القصاص موقعه؛ لأنَّه استوفى حقَّه، وللإمام أو نائبه تعزيرُ المُقْتصِّ؛ لافتياته بفعلِ ما مُنِعَ منه.

وإذا كان وليُّ الدم يُحسِنُ استيفاءَ القِصاص على الوجه الشرعيِّ، مكَّنه منه الحاكم أو نائبه، وإلَّا أمَرَه أن يُوكِّلَ من يستوفيه له؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [الإسراء: ٣٣].

ب- ويُشترط في الآلة التي يُنفَّذ بها القصاص أن تكون حادَّةً؛ لأنَّ القصاص بالآلة الكالَّة إسرافٌ في القتل، وتعذيب للمقتول، والنبيُّ قد أمر بالإحسان؛ فعن شَدَّاد بن أَوْسٍ ، أنَّ النبيَّ قال: (فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ) [رواه مسلم].

ج- يَحرُمُ استيفاء القِصاص في النَّفْس بغير السَّيْف في العُنُق (١)؛ سواء كان


(١) (الرواية الأخرى: أنَّه يُفعل به كما فعل، إلَّا ما استثني، أو يقتل بالسيف. فلو قطع يديه ثمَّ قتله، فعل به ذلك، وإن قتله بحَجَر أو أغرقه، فعل به مثل فِعْله. وهو اختيار ابن تيمية، وقال الزركشي: وهي أوضح دليلًا؛ فعن أنس بن مالكٍ قال: (عَدَا يَهُودِيٌّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ عَلَى جَارِيَةٍ، فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا، وَرَضَخَ رَأْسَهَا، فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللهِ وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَقَدْ أُصْمِتَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ : مَنْ قَتَلَكِ؟ فُلَانٌ لِغَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لَا، قَالَ: فَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ: أَنْ لَا، فَقَالَ: فَفُلَانٌ؛ لِقَاتِلِهَا، فَأَشَارَتْ: أَنْ نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ) [رواه البخاري].