والثاني: كنايةٌ خَفِيَّةٌ؛ لأنَّها أخفى في الدلالة من الأُولَى؛ وهي الألفاظ الموضوعة لطلقةٍ واحدةٍ، ما لم ينو أكثر؛ لأنَّ مقتضاه الترك دون البينونة كصريح الطلاق، وقال النَّبيُّ ﷺ لابنة الجُونِ:(الْحَقِي بِأَهْلِكِ)[متفق عليه]، ولم يكن ليُطَلِّقَ ثلاثاً وقد نَهَى عنه. وقال لسَوْدَةَ:(اعْتَدِّي، فَجَعَلَهَا طَلْقَةً)[متفق عليه].
فأمَّا ألفاظ الكناية الظاهرة فكثيرةٌ، وأبرزها:
١) «أنتِ خَلِيَّة». والخليّة هي الناقة تُطلق من عِقالها ويُخلّى عنها، ثمّ كني بها عن الطلاق.
٢) «أنت بَرِيَّةٌ»؛ أي: من النكاح، أو من الزَّوج.
٣) «أنت بائنٌ»؛ أي: منقطعة عن الأزواج.
٤) «أنت بَتَّةٌ»؛ أي: مقطوعة.
٥) «أنت بَتَلَةٌ»؛ أي: منقطعة.
٦) «أنت حُرَّةٌ»؛ يعني: من رِقِّ النكاح.
٧) «أنت الحَرج»؛ أي: أنت الإثم، من باب الوصف بالمصدر؛ مبالغةً على حذف المضاف؛ أي: ذات الحَرَج. والحرج هو الإثم. وأصله الِّضيق؛ فكأنَّه حرَّمها، وأثَّم نفسَه بطلاقها، وصار في ضِيقٍ من أمرها، وإنَّما يكون كذلك إذا طلَّقها ثلاثاً.
٨) «حَبْلُكِ عَلى غَارِبِكِ»، ومعناه: مُرسلةٌ مُطْلَقةٌ غير مشدودةٍ، ولا مُمسَكةٍ بالنكاح.