للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه -فيمن ارتدَّ، فقَتَلَه أبو موسى الأشعريُّ : (أَفَلَا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللّاهِ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ، وَلَمْ آمُرْ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي) [رواه مالك]. فلو لم تجب استتابتُه لما بَرِئَ عمرُ من فِعْلِهم. ولأنَّ الرِدَّة إنَّما تكون عن شُبْهةٍ، وهي لا تزول في الحال، فوَجَب أن يُنْظَر مُدَّةً يتروَّى فيها.

فإن تاب برجوعه إلى إسلامه فلا شيء عليه من قَتْلٍ أو تَعزيرٍ، ولا يَحْبَط عملُه الذي عَمِلَه حال إسلامه قبل رِدَّته؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وحجٍّ، وغير ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ … ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: ٦٨ - ٧٠].

ب- وإن أَصَرَّ على رِدَّتِه قُتِلَ بالإجماع؛ لما روى ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ قال: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) [رواه البخاري].

ج- يكون قَتْل المُرتدِّ بالسيف؛ لأنَّه آلةُ القَتْل، فلا يُحرَّق بالنار؛ لحديث شدَّاد ابن أوسٍ ، عن النبيِّ قال: (إنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأُحْسِنُوا الْقِتْلَةَ) [رواه مسلم].

د - ولا يقتُلُه إلَّا الإمامُ أو نائبُه؛ لأنَّه قَتْلٌ لحقِّ الله تعالى، فكان إلى الإمام. فإن قَتَلَه غيرُهما بلا إذنٍ من واحدٍ منهما فقد أساء ويُعزَّر؛ لافْتِياتِه على وَلِيِّ الأَمْر.