للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله : (لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِهِ) [رواه البخاري، ومسلم]، ولأنَّه انتفاع بحائط جاره على وجه لا يضرُّه، فأشبه ما لو استند إليه.

والفَرْق في هذه الحال بين فتح النافذة والطاق في الجِدار وبين وضع الخشب عليه؛ أنَّ الخشب يمسك الحائط، بينما النافذة والطاق ونحوهما يضعفه، كما أنَّ وضع الخشب تدعو الحاجة إليه، بخلاف النافذة والطاق ونحوهما؛ إذ يمكن الاستغناء عنهما. وجِدار المسجد كجِدار الدار في ذلك؛ لأنَّه إذا جاز ذلك في ملك الآدمي مع شُحِّه وضيقه، فجوازه في حقِّ الله من باب أَوْلَى.

- إذا كان للشخصِ سَطْحٌ أعلى من سَطْحِ جارِهِ، فليس له الصعود على سَطْحِهِ بحيث يُشْرفُ ويطَّلعُ على سَطْحِ جارِهِ؛ لأنَّ في ذلك إضراراً بجارِهِ، واطِّلاعاً على حُرُمِهِ، ويدلُّ على ذلك قوله : (لَوْ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ) [رواه البخاري، ومسلم]، إلَّا أن يَبْنِيَ سُتْرةً تمنع إشرافه على جارِهِ؛ فحينئذٍ لا بأس؛ لزوال المحذور.

أمَّا إذا استويا في العلوّ؛ فلم يكن سَطْحُ أحدهما أعلى من سَطْحِ الآخر؛ فإنَّهما يشتركان في بناء السُّتْرة؛ لأنَّه لا أولويَّة لأحدهما على الآخر. فإن امتنع أحدُهما من ذلك أُجبرَ عليه؛ لأنَّه حقٌّ عليه، فيُجبَرُ عليه كسائر الحقوق.

- للشخصِ أن يَستَنِدَ إلى حائطِ غيرِه ويستظلَّ بظلِّه دون إذْنِه، وله أن يسند إليه قماشه الذي يعرض عليه بضاعته دون إذنه، وله أن ينظر في ضوء سِراجِه أيضاً دون إذنه؛ لأنَّ التحرُّز من ذلك فيه مشقَّة، كما أنه لا ضرر يلحق صاحب الحائط أو السِّراج بذلك.