ليس لك أن توكِّل أحداً سواك؛ ففي هذه الحال لا يجوز له توكيل غيره؛ لأنَّ ما نهاه عنه غير داخل في إِذْنه له بالتَّصرُّف.
الحالة الثَّالثة: أنْ يُطْلِقَ الموكِّل في الوكالة؛ فلا يصرِّح له بإذنٍ ولا منعٍ؛ فيقول له: وكَّلتك في كذا؛ فهذه الحال لها صور ثلاث:
الصورة الأُولى: أن يكون ما وُكِّل فيه ممَّا يتولَّاه الوكيل بنفسه، ويليق بمثله، ولا يعجز عنه؛ كما لو وكَّله في بيع سيارته، أو أرضه، أو داره، ونحو ذلك؛ فحينئذٍ لا يجوز له توكيل غيره إلَّا بإذن الموكِّل؛ لأنَّه قد استأمنه فيما يمكنه القيام به؛ لثقته فيه، فلعله لا يثق في غيره.
الصورة الثَّانية: أن يكون ما وُكِّل فيه ممَّا يترفَّع عنه، ولا يليق بمثله من الأعمال الوضيعة والدَّنِيَّة؛ كما لو وكَّله أن يشتري علفاً لدوابِّه كلَّ يوم؛ فيجوز له في هذه الحال أن يوكِّل غيره؛ لأنَّ الإذن في الوكالة ينصرف إلى ما جرت به العادة، وقد جرت العادة ألَّا يتولَّى أمثال هذا الوكيل ذلك العمل بنفسه.
الصورة الثَّالثة: أن يكون ما وكِّل فيه ممَّا يتولَّاه الوكيل بنفسه، ويليق بمثله، لكنَّه يعجز عن القيام به كلِّه؛ لكثرته وانتشاره؛ كما لو وكَّله في بيع عقارات كثيرة له في وقت محدَّد؛ كموسم الصيف، وهذه العقارات منتشرة في أماكن أو بلدان كثيرة، ويعجز عن القيام بذلك خلال هذا الوقت؛ فيجوز له في هذه الحال أن يوكِّل غيره في ذلك؛ لأنَّ هذا وإنْ لم يأذن فيه الموكِّل لفظاً، فهو كالمأذون فيه عُرْفاً؛ فدلالة الحال تدلُّ على الإذن فيه.