للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النوع الثَّاني: إجارة على منفعة في الذمَّة؛ كخياطة ثوب، وبناء جدار.

ويشترط لصحَّتها ثلاثة أمور:

الأوَّل: أن تكون المنفعة منضبطة بوصفٍ لا يختلف به العمل؛ ففي خياطة الثوب يذكر جنس الثوب، وقَدْرَه، وصفة الخياطة، ونحو ذلك، وفي بناء الجدار يذكر طوله، وعرضه، وسُمْكَه، ونوع الحِجارة، ونحو ذلك.

الثَّاني: أنْ لا يجمع بين المُدَّة والعمل؛ كأن يقول: استأجرتك لتخيط ثوباً في يوم؛ لما فيه من الغرر؛ لأنَّه قد يفرغ من العمل قبل انقضاء اليوم؛ فيكون استعمال الأجير بقيَّة اليوم زيادة على ما وقع عليه العقد، وإن لم يعمل الأجير فيما بقي من اليوم، كان تاركاً للعمل في بعض زمنه، وهذا من الغرر الذي يمكن التحرُّز منه.

الثَّالث: أن يكون العمل ممَّا لا يُشترط أن يكون فاعله مسلماً؛ كتعليم العلوم الدنيويَّة.

* الإجارةُ على الطَّاعاتِ:

لا يصحُّ أخذ الأجرة على الأعمال التي تختصُّ أن يكون فاعلُها من أهلِ القُرْبة؛ كالأذان، وإمامة الصلاة، وتعليم القرآن، وتعليم العلوم الشرعيَّة، والنيابة في الحجِّ والعُمْرة، ونحو ذلك؛ لحديث عثمان بن أبي العاص أنَّ النبيَّ قال له: (وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا) [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه].

وعن أُبَيِّ بن كعب قال: عَلَّمْتُ رَجُلًا الْقُرْآنَ، فَأَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ، فَقَالَ: (إِنْ أَخَذْتَهَا أَخَذْتَ قَوْسًا مِنْ نَارٍ)؛ فَرَدَدْتُهَا. [رواه ابن ماجه].

- وتجوز الجعالة على هذه الأعمال؛ لأنَّ الجعالة أوسع من الإجارة.