للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجرى الماء إلى أرض جاره فأغرقها؛ فإنَّه لا يضمن إذا كان فعله ممَّا جرت به العادة من غير تفريط منه؛ لأنَّه غير معتدٍ، وما حدث سِرَايَة فعلٍ مباح.

أمَّا إذا سَرَى الضرر الناشئ عن فعله بتفريط منه؛ كأن أوقد ناراً في يوم ريح شديد تحملها، أو كانت النار كثيرة بحيث تسري إلى غيرها عادة، أو نام تاركاً النار مشتعلة، أو فتح الماء أكثر ممَّا يحتاج عادة، أو فتحه وغفل عنه بنوم؛ فيضمن ما تلف بسبب فعله؛ لأنَّه متعدٍّ. فإن طرأت الريح بعد إشعال النار؛ فلا ضمان عليه فيما أتلفت؛ لأنَّه ليس بتفريطه، ولا فعله.

* ضمانُ ما تلفَ بسببِ فِعْلٍ مباحٍ، أو فيه مصلحةٌ عامَّة:

إذا تصرَّف إنسان تصرُّفاً مأذوناً له فيه، أو كان فيه تحقيق مصلحة عامة، أو منفعة للناس؛ فتلف بسبب تصرُّفه شيء؛ فلا ضمان عليه بسبب تصرُّفه؛ ومن صور ذلك:

أ - إذا وضع إنسان في مسجد فرشاً، أو نصب باباً، أو أوقد قنديلاً، أو وضع رفًّا؛ لمصلحة الناس ونفعهم؛ لم يضمن ما تلف بسببه؛ لأنَّه محسنٌ بفعله.

ب- إذا جلس إنسان في طريقٍ واسع، أو اضطجع فيه؛ فعثر به حيوان؛ فلا ضمان لما تلف بسببه؛ لأنَّ جلوسه واضطجاعه في مثل هذا الطريق فعل مباح، لم يتعدَّ فيه على أحد في مكان له فيه حقُّ.

ج - إذا وضع حجراً في طريقٍ فيه طينٌ؛ ليطأ عليه الناس؛ لم يضمن ما تلف بسبب فعله؛ لأنَّ في فعله نفعاً للمسلمين.