للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَسَبَّلْتَ ثَمَرَتَهَا)؛ فإذا قال: وقفتُ داري، أو حبستُ داري، أو سَبَّلتُ داري؛ فقد صارت وَقْفاً.

والكناية: كقوله: (تَصَدَّقْتُ، وَحَرَّمْتُ، وَأَبَّدْتُ)؛ فهذه ألفاظ كناية؛ لأنَّها تحتمل الوقف وغيره. ولذا يُشترط فيها نيَّة الوقف؛ لتصير وقفاً. فإذا قال: تصدَّقتُ بداري أو أرضي، أو حَرَّمتُ، أو أَبَّدْتُ، ونوى بذلك الوقف صارت داره أو أرضه وقفاً.

إلَّا إذا اقترن باللَّفظ الكنائيِّ لفظٌ من ألفاظ الوقف الصريحة؛ كأنْ يقول: تصدَّقتُ بكذا صدقةً موقوفةً، أَوْ مُحبَّسةً، أَوْ مُسبَّلةً. أو يقْرِن بلفظ الصدقة باقي ألفاظ الكناية؛ كأنْ يقول: تصدَّقْتُ بكذا صدقةً مُحرَّمةً، أو مُؤبَّدةً. أو يَقْرِن لفظ الكناية بحكم الوقف؛ كأنْ يقول: تصدَّقتُ بكذا صدقةً لا تُباع، أو لا تُوهب. أو يقول: تصدَّقتُ بداري على قبيلة كذا، أو طائفة كذا؛ فلا تشترط النيَّة حينئذٍ؛ لأنَّ هذه الصيغ لا تستعمل في غير الوقف؛ فأشبه ما لو أتى بلفظه الصريح.

وينعقد الوقف كذلك بالإشارة المُفْهِمة من الأخرس؛ لأنَّها تقوم مقام القول من النَّاطق.

الأمر الثَّاني: الفعل مع دليل يدلُّ عليه عُرفاً؛ كأنْ يبني بنياناً على هيئة المسجد، ويأذن للنَّاس إذناً عامًّا بالصَّلاة فيه، أو يجعل أرضه مقبرةً ويأذن إذناً عامًّا بالدفن فيها، أو يضع مُبَرِّدةُ ماءٍ على الطريق، أو في المسجد، ونحو ذلك؛ لدلالة الحال على تَسْبِيلِه ووَقْفِه. ولأنَّ الفعل مع وجود ما يدلُّ على الوقف كالقول؛ إذْ هما يشتركان في الدَّلالة على الوقف.