للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يصحُّ وقف ما لا ينتفع به إلَّا بذهاب عَيْنه؛ كالمطعوم والمشروب -ما عدا الماء-، وكالدَّراهم والدَّنانير -لينتفع باقتراضها مثلاً-، ومثل مصابيح الإضاءة للمساجد، أو مواد النظافة، ونحو ذلك؛ لأنَّه لا يمكن الانتفاع بها إلَّا بتلف عينها. والوقف إنَّما هو تحبيس للأصل وتسبيل للمنفعة، وما لا ينتفع به إلَّا بإتلافه لا يصحُّ فيه ذلك. ولأنَّ الوقف يُرادُ للدَّوام؛ ليكون صدقةً جارية، ولا يتحقَّق ذلك فيما

لا تبقى عينه. بخلاف ما لو وقف على المسجد مثل النَّجفات أو الثُّريَّات التي تركَّب عليها مصابيح الإنارة؛ فهذه تسمَّى وقفاً؛ لأنَّه يُنتفع بها مع بقائها.

أمَّا الماء فيجوز وقفه؛ لحديث عثمان بن عفَّان : (أَنَّهُ اشْتَرَى بِئْرَ رُومَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ، فَجَعَلَهَا لِلْغَنِيِّ وَالفَقَيرِ وَابْنِ السَّبِيلِ) [أخرجه الترمذي، والنسائي، وأصله عند البخاري]، وفي رواية: أنَّ النَّبيَّ قال له: (فَاجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَأَجْرُهَا لَكَ) [أخرجها النسائيُّ].

وكذا لا يصحُّ وقف ما لا ينتفع به انتفاعاً مباحاً؛ كقناديل الذَّهب والفضَّة؛ فلا يجوز وقفها على المساجد؛ لأنَّ الانتفاع بها على هذا النحو غير مباح، بل تُكْسَر وتُصْرَف.

الشَّرط الثَّالث: أن يكون الوقف على جهة برٍّ وقُرْبَة؛ كالوقف على الفقراء، والمساكين، والأيتام، والأقارب، والمساجد، والجسور، والسِّقايات، والعُلماء، وطَلَبة العِلْم، وكُتُب العِلْم، والمدارس، والمستشفيات، والمجاهدين في سبيل الله -حقًّا-، ونحو ذلك؛ لأنَّ المقصود بالوقف التقرُّب إلى الله ﷿؛ فإذا لم يكن على بِرٍّ

لم يحصل مقصوده الذي شُرع لأجله.