للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) يجعله رَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ. وكان أول رسل بني إسرائيل يوسف، وآخرهم عيسى- عليهما السلام-، وقال: عليه الصلاة والسلام: «بُعثْتُ على إِثْرِ ثمانية آلاف نبيّ، أربعة آلاف من بني إسرائيل» . فإذا بعث إليهم قال: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أي: بأني قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن ربكم، قالوا: وما هي؟ قال:

أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ كصورته، فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ، وكان يخلق لهم صورة الخفاش، لأنها أكمل الطير لأن لها ثدياً وأسناناً وتحيض وتطير، فيكون أبلغ في المعجزة، وكان يطير مادام الناس ينظرون إليه، فإذا غاب عنهم سقط ميتاً ليتميز فعل الحق من فعل الخلق.

ثم قال لهم: ولي معجزة أخرى أني أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ الذي ولد أعمى، فأحرى غيره، وَالْأَبْرَصَ الذي فيه وضح «١» . وخصهما لأنهما عاهتان معضلتان. وكان الغالب في زمن عيسى الطب، فأراهم المعجزة من جنس ذلك. رُوِي: أنه ربما اجتمع عليه من المرضى في اليوم الواحد ألوف، من أطاق منهم البلوغ «٢» أتاه، ومن لم يطق أتاه عيسى عليه السلام، وإنما كان يداويهم بالدعاء على شرط الإسلام.

وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ لا بقدرتي دفعاً لتوهم الألوهية، فإن الإحياء ليس من طوق البشر. رُوِيَ أنه أحيا أربعة أنفس: (العازر) ، وكان صديقاً له، فأرسلت أخته إلى عيسى أن أخاك العازر يموت، فأتاه من مسيرة ثلاثة أيام فوجده مات، فقال لأخته: انطلقي بنا إلى قبره، وهو في صخرة مطبقة، فدعا الله تعالى، فقام العازر يقطر ودكه «٣» ، فعاش وولد له. و (ابن العجوز) ، مُر بجنازته على عيسى عليه السلام فدعا الله تعالى، فجلس على سريره، ونزل عن أعناق الرجال، ولبس ثيابه، وحمل سريره على عنقه، ورجع إلى أهله، وبقي حتى وُلد له. و (ابنة العاشر) ، كان يأخذ العشور، قيل له: أتحييها، وقد ماتت أمس؟ فدعا الله تعالى، فعاشت وولد لها. و (سام بن نوح) ، دعا باسم الله الأعظم، فخرج من قبره، وقد شاب نصف رأسه، فقال: أقامت الساعة؟ قال: لا، لكني دعوت الله فأحياك، مالى أرى الشيب في رأسك، ولم يكن في زمانك؟ قال: سمعت الصيحة، فظننت أن الساعة قامت فشبت من هولها. قيل: كان يحيي الموتى ب يا حيّ يا قيوم.

وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ، لما أبرأ الأكمه والأبرص قالوا: هذا سحر، أخبرنا بما نأكل وما ندخر؟ فكان يُخبر الرجل بما يأكل في غدائه وعشائه. ورُوِيَ أنه لمَّا كان في المكتب، كان يحدث الغلمان بما يصنع لهم آباؤهم من الطعام، فيقول للغلام: انطلق ... غداء أهلك كذا وكذا، فيقول أهله: من أخبرك بهذا؟ قال: عيسى، فحبسوا صبيانهم عنه، وقالوا: لا تلعبوا مع هذا الساحر، فجمعوهم في بيت، فجاء عيسى


(١) هو بياض يعترى الجلد.
(٢) أي: بلوغ المريض المكان الذي فيه عيسى- عليه السلام-
(٣) الودك: دسم اللحم ودهنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>