النبي العربيّ، مؤسس الجامعة الإسلامية، وواضع بناء حضارتها، جامع شمل العرب، ومجدد حياتهم السياسية والتشريعية، أبو القاسم (عليه الصلاة والسلام) . ولد بمكة. ونشأ يتيما، ربته أمه آمنة بنت وهب، وماتت وعمره ست سنين، فكفله جده (عبد المطلب) ومات جده بعد سنتين، فكفله عمه (أبو طالب) ونشأ شجاعا عالي الهمة، صادقا، فاضل الأخلاق، كامل العقل، لقبه قومه بالأمين. ولما بلغ الخامسة والعشرين زوجه عمه بخديجة بنت خويلد الأسدية القرشية، وهي تكبره بنحو ١٥ سنة، وكانت غنية أرسلته قبل الزواج بتجارة إلى الشام فأفلح وربح. ولما بلغ الأربعين من عمره بدئ بالرؤيا الصادقة، وحببت اليه الخلوة، فكان يقضي شهرا من كل عام في حراء (على مقربة من مكة) يتحنث (كما كانت قريش تفعل في الجاهلية. والتحنث التعبد) فلما بلغ الثالثة والأربعين، في رمضان (١٣ ق هـ - ٦١٠ م) أوحي اليه في غار حراء بآية: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ من عَلَقٍ. وشرع يدعو من حوله سرا، فآمنت به زوجته خديجة وابن عمه علي بن أبي طالب، وصديقه أبو بكر، ومولاه زيد بن حارثة، وجماعة من قومه، فأعلن الدعوة إلى الإسلام بالتوحيد ونبذ الأوثان وخرافاتها. وهزأت به قريش وآذته، فصبر، وحماه عمه أبو طالب حتى مات. وأسلم عمه حمزة وعمر بن الخطاب، فقوي بهما. واشتد أذى قريش لأصحابه، فأذن لمن ليس له عشيرة تحميه بأن يهاجر إلى أرض (الحبشة) فهاجر ثلاثة وثمانون رجلا عدا النساء والأولاد. ثم أسلم بمكة ستة من الأوس والخزرج من أهل المدينة (وكانت تسمى يثرب) وعادوا إليها، فلم يلبث أن جاءه منها اثنا عشر رجلا فآمنوا به، فبعث معهم