(مصعب بن عمير) ليعلمهم شرائع الإسلام والقرآن، فلم يمض غير قليل حتى انتشر الإسلام في المدينة، ووفد عليه جمع من أهلها فدعوه وأصحابه إلى الهجرة إليهم، وعاهدوه على الدفاع عنه، فأجاب دعوتهم، وأمر أصحابه بالخروج من مكة، ثم لحقهم. وبلغ قريشا خبر هجرته، فتبعوه ليقتلوه، فنجا. ودخل المدينة، فبنى فيها مسجده، وجهر بنشر الدعوة، وكانت قريش تحول بينه وبين ذلك، في مكة، بالقوة. وبسنة دخوله المدينة يبتدئ التاريخ الهجريّ، وكان سنة ٦٢٢ م.
ولم يدعه مشركو قريش آمنا في دار هجرته، بل كانوا يقصدونه لقتاله فيها، فنزلت آيات (الإذن بالقتال) مبينة سببه، ووجه الحاجة إليه. وأولها (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) الآية.
وكانت المعركة، الأولى بينه وبين قومه (قريش) في (بدر) بجوار المدينة. وفي شأنها نزلت آية:(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من قُوَّةٍ وَمن رِباطِ الْخَيْلِ) إلخ. وكانت غزوة (بدر الكبرى) هذه في رمضان من السنة الثانية للهجرة. وتلتها غزوة (بني قينقاع) وهم قبيلة من اليهود كان النبي صلّى الله عليه وسلم قد عاهدهم وأمنهم على أنفسهم وأموالهم وحرية دينهم، فنقضوا عهده. وفي السنة الثالثة كانت غزوة (أحد) في الجبل المشرف على المدينة المسمى بهذا الاسم. وفي الرابعة غزوة (ذات الرقاع) و (بدر الثانية) . وفي الخامسة غزوة (الخندق) وغزوة (بني قريظة) . وفي السادسة غزوة (ذي قرد) و (بني المصطلق) وفيها بعث النبي صلّى الله عليه وسلم الرسل إلى كسرى وقيصر والنجاشي وغيرهم من عظماء الملوك كالمقوقس بمصر والحارث الغساني بالشام، يدعوهم إلى الإسلام. وفي السنة السابعة كانت غزوة (خيبر. وفي الثامنة غزوة (مؤتة) و (حنين)