محروسة من كلّ رجز طارق ... ودخول دجّال وطعن لاحق
فالمرء فيها ذو فؤاد واثق ... هذي محاسنها فهل من عاشق
كلف شحيح باخل بنواها ... ربّي أدمني في حماية صونها
ومتى هممت بغيبة عن عينها ... فاجعل مماتي قبل ساعة كونها
إنّي لأرهب من توقّع بينها ... فيظلّ قلبي موجعا أوّاها
يا خير مسئول وأكرم من دعي ... لا تقص عنها رحلتي وتودّعي
فمن الخسار فراق ذاك الموضع ... ولقلّما أبصرت حال مودع
إلّا رثت نفسي له وشجاها ... لا تجعلوا عنها الرّحيل صناعة
إنّي أرى ذاك الرّحيل إضاعة ... وإذا أقمتم كان ذلك طاعة
فلكم أراكم قافلين جماعة ... في إثر أخرى طالبين ثواها
فيم التّرحّل في المدينة صونكم ... وبجاه خير الخلق يحصل عونكم
فالخير مكثكم هناك وكونكم ... قسما لقد أذكى فؤادي بينكم
جزعا وفجّر مقلتي ميّاها ... ضيّعتم والله كلّ جميلة
عودوا فما خيراتها بقليلة ... ما لي إذا لم يقبلوا من حيلة
إن كان يزعجكم طلاب فضيلة ... فالخير أجمعه لدى مثواها
أو كان يدعوكم إلى أن ترحلوا ... جاه ينال فجاء أحمد أكمل
أو نالكم ظلما فهذا المنهل ... أو خفتم ضرّا بها فتأمّلوا
بركات بلغتها فما أزكاها ... فإذا امرؤ لكم يرتحل من شدّة
فيها وعاش بها بأيسر بلغة ... فاقنع هناك ولو بأدنى لقمة
أف لمن يبغي الكثير لشهوة ... لرفاهة لم يدر ما عقباها
لا ترحلنّ لشهوة وتلذّذ ... وانظر إلى ذاك الحمى وتلذّذ
وبما يقيم النّفس فاقنع واغتذ ... فالعيش ما يكفي وليس هو الذي
يطغي النّفوس ولا خسيس مناها