أذن: رخّص وفي قراءة بالبناء للفاعل وهو الله. للذين يقاتلون المشركين وهم المؤمنون، والمأذون فيه محذوف، لدلالته عليه. وفي قراءة بفتح التاء، أي للذين يقاتلهم المشركون.
بأنهم ظلموا: بسبب أنهم ظلموا أي بظلم الكافرين إيّاهم. وإنّ الله على نصرهم لقدير:
وعدهم بالنّصر كما وعد بدفع أذى الكفّار عنهم. الّذين أخرجوا من ديارهم- يعني مكّة- بغير حقّ في الإخراج، ما أخرجوا إلّا أن يقولوا ربّنا الله وحده. وهذه القول حقّ في الإخراج بغير حق. ولولا دفع- وفي قراءة: دفاع- الله النّاس بعضهم- بدل بعض من النّاس- ببعض، بتسليط المؤمنين، على الكافرين. لهدمت- بالتّشديد للتكثير، وبالتّخفيف- صوامع للرّهبان وبيع للنّصارى وصلوات كنائس لليهود، وهي بالعبرانية «صلواتا» وقيل فيه حذف مضاف تقديره: مواضع صلوات، وقيل: المراد بتهديم الصّلوات تعطيلها. ومساجد للمسلمين يذكر فيها، أي في المواضع، اسم الله كثيرا وتنقطع العبادات بخرابها وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الحج: ٤٠] أي دينه. إنَّ الله لقويّ على خلقه، عزيز: منيع في سلطانه وقدرته.
قال العلماء: ثم فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم. قال تعالى: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا [البقرة ١٩٠] يعني في قتالهم فتقاتلوا غير الذين يقاتلونكم إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة حتى يكون الدين كله لله. وقال الله عز وجل: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً [التوبة ٣٦] أي جميعا كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً
. وقال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة ٢١٦] وكان محرّما، ثم صار مأذونا فيه، ثم مأمورا به لمن بدأهم بالقتال، ثم مأمورا به لجميع المشركين، إمّا فرض عين على أحد القولين، أو فرض كفاية على المشهور.
روى الإمام أحمد والترمذي، وحسنه، والنسائي وابن ماجة وابن حبان، عن ابن عباس وابن أبي شيبة: وعبد بن حميد، والبيهقي، عن مجاهد وابن عائذ وعبد الرزاق وابن المنذر عن الزهريّ، والبيهقيّ عن السدّيّ أن أول آية نزلت في القتال قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الحج ٣٩] .
وروى الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن حبان والدارقطنيّ وتمّام عن أنس والأئمة عن أبي هريرة، وأبو داود الطيالسي والنسائي، وابن ماجة، والضياء عن أوس بن أوس الثّقفيّ، عن أبيه- قال الحافظ في الإصابة: والصواب أنه غير الذي قبله- والطبرانيّ عن جابر والنّسائيّ والبزار والطبراني عن النعمان بن بشير، وعن ابن عباس، وعن ابن مالك الأشجعيّ، عن أبيه، وعن أبي بكرة وعن سمرة، والإمام أحمد والخمسة عن عمر، والشيخان عن ابن