للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِتَأْخُذُوها هي مغانم خيبر، فإنه- صلى الله عليه وسلم- لما رجع من الحديبية أقام بالمدينة مدة ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها، وغنم أموالا كثيرة فخصّها بهم ذَرُونا اتركونا نَتَّبِعْكُمْ لنأخذ منها يُرِيدُونَ بذلك أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ وقرأ حمزة والكسائيّ بكسر الكاف، وهو جمع كلام- أي مواعيده بغنائم خيبر أهل الحديبية خاصة قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا نفي بمعنى النهي كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ أي من قبل عودنا فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا أن نصيب معكم من الغنائم فقلتم ذلك بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ يعلمون من الدين إِلَّا قَلِيلًا منهم قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ المذكورين اختيارا سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ أصحاب شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ حال مقدّرة- هي المدعو إليها في المعنى أَوْ هم يُسْلِمُونَ فلا يقاتلون فَإِنْ تُطِيعُوا إلى قتالهم يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً هو الغنيمة في الدنيا، والجنة في الآخرة وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ عن الحديبية يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً مؤلما لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ إثم في ترك الجهاد وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ بالياء والنون جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فصّل الوعد وأجمل الوعيد مبالغة في الوعد لسبق رحمته ثم جمل ذلك بالتكرار على سبيل التّعميم فقال: وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ كذلك عَذاباً أَلِيماً إِذ الترهيب هنا أنفع من التّرغيب.

ثم ذكر- تعالى- من بايع تحت الشجرة فقال عز وجل لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ بالحديبية تَحْتَ الشَّجَرَةِ هي سمرة كما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن سلمة، أو سدرة كما رواه مسلم عن جابر فَعَلِمَ اللَّه تعالى ما فِي قُلُوبِهِمْ من الصدق والوفاء فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ الطمأنينة وسكون النفس بالتشجيع عَلَيْهِمْ ثم ذكر ما أثابهم عن ذلك فقال: وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً هو فتح خيبر بعد انصرافهم من الحديبية وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها من يهود خيبر، وكانت خيبر ذات عقار وأموال، فقسّمها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بينهم وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً غالبا حَكِيماً أي لم يزل متّصفا بذلك وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها من الفتوحات التي تفتح لكم إلى يوم القيامة فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ غنيمة خيبر، ثمّ ذكّرهم نعمته عليهم بكفّ أيدي العدوّ عنهم فقال تعالى: وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ في عيالكم لمّا خرجتم وهمّت بهم اليهود، فقذف الله- عز وجل- في قلوبهم الرّعب، وقيل:

كفّ أيدي أهل مكّة بالصلح وَلِتَكُونَ هذه الكفّة أو الغنيمة المعجلة- عطفا على مقدّر أي لتشكروه آيَةً علامة لِلْمُؤْمِنِينَ يعرفون بها أنهم من الله- تعالى- بمكان، أو صدق رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- في وعدهم فتح خيبر حين رجوعه من الحديبية وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً أي طريق التّوكل عليه، وتفويض الأمر إليه- تعالى- وَأُخْرى صفة مغانم،