للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم انصرف عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر وأمرهم بالخروج من مكة والتحرّز في شعف الجبال والشّعاب خوفاً عليهم من معّرة الجيش.

ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ومعه نفر من قريش يدعون الله تعالى ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب:

لا هم إن المرء يم ... نع رحله فامنع حلالك

لا يغلبنّ صليبهم ... ومحالهم عدواً محالك

انصر على آل الصّلي ... ب وعابديه اليوم آلك

إن كنت تاركهم وكع ... بتنا فأمر ما بدا لك

[ (١) ] وعند البيهقي رحمه الله تعالى أن عبد المطلب قام يدعو على الحبشة فقال:

يا رب لا أرجو لهم سواكا ... يا ربّ فامنع منهم حماكا

امنعهم أن يخربوا قراكا ... إنّ عدوّ البيت من عاداكا

قال ابن إسحاق- رحمه الله تعالى-: ثم أن عبد المطلب انطلق هو ومن معه من قريش إلى شغف الجبال فتحرّزوا فيها ينظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها.

وذكر مقاتل- رحمه الله تعالى- أن عبد المطلب لم يخرج معهم بل أقام بمكة وقال: لا أبرح حتى يقضي الله تعالى قضاءه. ثم صعد هو وأبو مسعود الثقفي على مكان عال لينظر ما يفعله أبرهة.

فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله وعبأ جيشه.

قال ابن جرير- رحمه الله تعالى-: ويقال كان معه ثلاثة عشر فيلاً هلكت كلها.

ونقل الماوردي عن الأكثرين إنه لم يكن معهم إلا فيل واحد اسمه محمود. وعن الضحاك كان معه ثمانية أفيلة.

وأبرهة مجمع لهدم البيت. زاد مقاتل: وجعل الفيل مقابل الكعبة ليعظّم ويعبد كتعظيم الكعبة. وقال غيره: بل ليجعل السلاسل في أركان الكعبة وتوضع في عنق الفيل ثم يزجر ليلقي الحائط جملة واحدة.

فلما وجهوا الفيل نحو الكعبة أقبل نفيل بن حبيب فأخذ بأذنه وقال: يا محمود أنت بحرم الله. ثم خرج نفيل يشتدّ حتى أصعد في الجبل فبرك الفيل فضربوه بالطّبرزين ليقوم فأبى فأدخلوا محاجن لهم في مراقّه فبزغوه بها ليقوم فأبى، فوجّهوه جهة اليمن فقام يهرول،


[ (١) ] انظر الروض الأنف ١/ ٧٠، ورواية البيت الثالث:
وقبلتنا بدل كعبتنا وهي رواية ابن كثير أيضا. انظر البداية والنهاية ٢/ ١٧٣، ورواية البيت الأول في البداية والنهاية فامنع رحالك.