للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعرفونهما، فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس فقالوا لهما: يا عثمان ويا عبد الرحمن، أن نبيّكما كتب إلينا كتابا فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلّمنا عليه فلم يردّ سلامنا، وتصدّينا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلّمنا فما الرأي منكما؟ أنعود إليه أم نرجع إلى بلادنا؟.

فقالا لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهو في القوم: ما الرأي في هؤلاء القوم يا أبا الحسن؟ فقال لهما: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودوا إليه. ففعل وفد نجران ذلك ووضعوا حللهم ونزعوا خواتيمهم ولبسوا ثياب سفرهم ورجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّموا عليه فردّ عليهم سلامهم ثم قال: «والذي بعثني بالحق لقد أتوني المرة الأولى وأن إبليس لمعهم» .

ذكر دعائه صلى الله عليه وسلم وفد نجران إلى الإسلام وما دار بينه وبينهم:

روى الحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وابن سعد، وعبد بن حميد عن الأزرق بن قيس رحمه الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا وفد نجران إلى الإسلام فقال العاقب السيد، عبد المسيح، وأبو حارثة بن علقمة: قد أسلمنا يا محمد، فقال: «إنكما لم تسلما» .

قالا: بلى قد أسلمنا قبلك. قال: «كذبتما، يمنعكما من الإسلام ثلاث فيكما: عبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير وزعمكما أن لله ولدا» . ثم سألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى، يسرّنا إن كنت نبيا أن نعلم قولك فيه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عندي فيه شيء يومي هذا، فأقيموا حتى أخبركم بما يقول الله في عيسى» . وروى ابن جرير عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي رضي الله تعالى عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثبت بيني وبين أهل نجران حجاب فلا أراهم ولا يروني» ،

من شدّة ما كانوا يمارون رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى.

وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، وابن سعد عن الأزرق بن قيس، وابن جرير عن السّدّي، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي جريج: أن نصارى نجران قالوا: يا محمد، فيم تشتم صاحبنا؟ قال: «من صاحبكم» ؟ قالوا: عيسى ابن مريم تزعم أنه عبد. قال: «أجل إنه عبد الله وروحه وكلمته، ألقاها إلى مريم وروح منه» . فغضبوا وقالوا: لا ولكنه هو الله نزل من ملكه

فدخل في جوف مريم ثم خرج منها فأرانا قدرته وأمره، فهل رأيت قط إنسانا خلق من غير أب؟.

فأنزل الله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة ١٧]