للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الإمام أحمد، وابن عساكر عن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قال وهو يعظ: لقد أصبحتم، وأمسيتم ترغبون فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يزهد فيه، والله ما أتت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلة من زهده إلا كان الذي عليه أكثر من الذي له.

وروى ابن حبان عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: اتخذت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فراشين حشوهما ليف وإذخر فقال: «يا عائشة ما لي وللدنيا أنما أنا والدنيا بمنزلة رجل نزل تحت شجرة في ظلها، حتى إذا فاء الفيء ارتحل، فلم يرجع إليها أبدا [ (١) ] » .

وروى الإمام أحمد عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتّقي إلى فرش قط، إلا أني أذكر أن يوم مطر ألقينا تحته بتا فكأني أنظر إلى خرق فيه ينبع منه الماء [ (٢) ] .

وروى سعيد بن منصور عنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فراش رثّ غليظ، فأردت أن أجعل له فراشا آخر ليكون أوطأ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلته فقال: ما هذا يا عائشة؟» فقلت:

رأيت فراشك رثّا غليظا، فأردت أن يكون هذا أوطأ لك، فقال: «أخّريه، اثنتين، والله لا أقعد عليه حتى ترفعيه قال: فرفعت الأعلى الذي صنعت» [ (٣) ] .

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون عشاء، وكان عامة خبزهم الشعير [ (٤) ] .

وروى الترمذي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير، قد أثر الشريط في جنبه، فقلت: لو نمت يا رسول الله على ما هو ألين من هذا، فقال: «ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب مر بأرض فلاة، فرأى شجرة، فاستظل تحتها، ثم راح وتركها» [ (٥) ] .

وروى أبو عبد الرحمن السّلمي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير، قد أثر في جنبه، فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشا ألين من هذا، فقال: «ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب سار في يوم صائف، حتى أتى شجرة، ثم راح» .

وروى الإمام أحمد، والبيهقي في الشعب عن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال: كان


[ (١) ] تقدم.
[ (٢) ] أحمد ٦/ ٥٨.
[ (٣) ] البيهقي في الدلائل ١/ ٣٤٥.
[ (٤) ] أخرجه الترمذي (٢٣٦٠) وابن ماجة (٣٣٤٧) وأحمد ١/ ٢٥٥، ٣٧٤ والبغوي في التفسير ٦/ ١٦٢ وابن سعد ١/ ٢/ ١١٣ وأحمد في الزهد (٣٠) .
[ (٥) ] تقدم.