تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النمل/ ٧٦] قال القاضي: والوجوه الأربعة الأول هي المعتمد عليها في الإعجاز والباقي يعدّ في خصائصه، وبقي من خصائصه كونه نزل على سبعة أحرف، وكونه نزل مفرّقا منجّما، وكونه ميسّرا للحفظ، وسائر الكتب بخلاف ذلك في الثّلاثة.
قال القاضي: وإذ عرفت ما ذكر من وجوه إعجاز القرآن عرفت أنّه لا تحصى عدد معجزاته بألف ولا ألفين ولا أكثر، لأنه صلى الله عليه وسلم قد تحدّى به بسورة منه فعجزوا عنها.
قال أهل العلم: وأقصر الصّور «إنا أعطيناك الكوثر» فكل آية أو آيات منه بعددها وقدرها معجزة، ثم فيها نفسها معجزات على ما سبق.
قال الشيخ- رحمه الله تعالى ورضي الله عنه- وإذا أعددتّ كلمات سورة الكوثر وجدتّها بضع عشرة كلمة، وقد عدّ قوم كلمات القرآن سبعا وسبعين ألف كلمة وتسعمائة وأربعا وثلاثين تقريبا فالقدر المعجز منه يكون في العدد نحو: سبعة آلاف تقريبا تضرب في ثمانية أوجه الأوّلان، والسابع والثامن، والتّاسع، والعاشر، والحادي عشر، والثاني عشر تبلغ ستة وخمسين ألف معجزة، ثمّ تضمّ إلى ذلك ما في بعضه من الثالث، والرابع، والخامس، والسادس جملة وافرة فتصل معجزات القرآن بذلك إلى ستين ألف معجزة أو أكثر. انتهى.
وقال القاضي أيضا: معجزات الرّسل، ويرحم الله سيدي محمد وفا حيث قال:
له معجز القرآن في غير جمعه ... جوامع آيات بها أفصح الرّشد
حديث ثرية عن حدوث منزه ... قديم صفات الذّات ليس له ضدّ
بلاغ بلاغ للبلاغة معجز ... له معجزات لا يعدّ لها حدّ
تحلّت بروح الوحي حلّت نسجه ... عقود اعتقاد لا يحلّ لها عقد
وغاية أرباب البلاغة عجزهم ... لديد وإن كانوا هم الألسن اللدّ
ورحم الله السرقسطي حيث قال:
عجّزت بالوحي أرباب البلاغة في ... عصر البيان فضلّت أوجه الحيل
سألتهم سورة في مثل حكمته ... قتلهم عنه العجز حين تلي
ورام رجس كذوب أن يعارضه ... بغي عييّ فلم يحسن ولم يطل
مشيح بركيك الإفك ملتبس ... ملهج بذوي الزّور والخطل
يمجّ أوّل حرف سمع سامعه ... ويعتريه كلال العجز والملل
كأنّ منطق أنورها شدّ به ... لبس من الخيل أو مسّ من الخبل
أمرت البين وأعوزت محبته ... فيها وأعمى بصير العين بالنّقل