يقتصُّ منه ثمَّ يموت- قال:(قَتْلُهُ حَقٌّ -يَعْنِي أَنْ لَا دِيَةَ-)[رواه عبد الرزق]، ولأنَّ القَطْعَ بحقٍّ غير مضمون، فكذلك سِرايتُه غيرُ مضمونةٍ.
- أمَّا إذا قَطَعَ المجنيُّ عليه أو وليُّه الجانيَ قهراً بلا إذنه -أي الجاني-، ولا إذن الإمام أو نائبه، مع حالٍ لا يؤمن فيه الخوف من السِّراية، أو قطعه بآلةٍ كالَّةٍ أو مسمومةٍ، فمات بسبب ذلك، لَزِمَ المُقْتَصَّ دِيَة النَّفْس منقوصاً منها دَيِة ذلك العُضْو الذي وَجَب له القِصاص فيه.
- وسراية الجناية مضمونةٌ بقَوَدٍ ودِيَةٍ، في النَّفْس وما دونها، ولو بعد أن اندمل الجُرْح واقتصَّ المجنيُّ عليه من الجاني، ثمَّ انتقض الجُرحُ فَسَرَى؛ لأنَّ التَّلَف حَصَلَ بفِعْل الجاني.
مثاله: لو أنَّ رجلًا جَرَحَ آخر في رأسه، فَسَرَى إلى ذهاب بصره، ثمَّ مات، اقتصَّ منه في النَّفْس، وأُخِذَ منه دِيَة بَصَرِه.
- وأمَّا إذا اقتصَّ المجنيُّ عليه قبل بُرْء جُرْحِه، فالسِّراية هدرٌ؛ لما روى عَمْرو بن شُعَيبٍ عن أبيه عن جدِّه:(أَنَّ رَجُلاً طَعَنَ رَجُلاً بِقَرْنٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّاهِ! أَقِدْنِي. قَالَ: حَتَّى تَبْرَأَ. ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَقِدْنِي. فَأَقَادَهُ. ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّاهِ! عَرِجْتُ. قَالَ: قَدْ نَهَيْتُكَ فَعَصَيْتَنِي، فَأَبْعَدَكَ اللهُ، وَبَطَلَ عَرَجُكَ. ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُهُ)[رواه أحمد، والدارقطني].