للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنَّه لم يَجْنِ عليه، ولم يتَعَدَّ، أَشْبَهَ ما لو أَذِنَ له به ولم يأْمُرْه.

فإنْ كان المأمورُ غيرَ مُكلَّفٍ، ضَمِنَه الآمِرُ؛ لتَسَبُّبِه في إتلافِه.

هـ- إذا استأجَرَ رَجُلٌ أَجِيراً لحَفْر بئرٍ، أو بِناءِ حائطٍ بِهَدْمٍ ونحوه، فتَلِفَ الأَجيرُ، فلا ضمان على المُسْتأجِرِ؛ لأنَّه لم يفعل شيئاً يكون سَبَباً في التَّلَفِ، فكان غير مُتَعَدٍّ.

و - إذا أدَّبَ الأبُ وَلَدَه ولو كان كبيراً، أو أدَّبَ زوجَتَه في نُشُوزٍ، أو أدَّبَ مُعلِّمٌ صَبِيَّه، أو أدَّبَ سُلْطانٌ رَعِيَّتَه، وكان تأديبُهُم من غير إسرافٍ ولا تَعَدٍّ؛ من حيث العَدَدُ المُعتادُ فيه، والشدَّةُ، فلا ضمان على المُؤدِّب في جميع هذه الصور؛ لأنَّه فَعَلَ ما هو مَأْذونٌ له فيه شَرْعاً، ولم يَتَعَدَّ بفِعْلِه، فلمْ يَضْمَنْ سِرايَتَهُ، أَشْبَهَ سِرايَةَ القَوَد والحَدِّ.

فإنْ أَسْرَفَ المُؤدِّب في تأديبه، أو زادَ على ما يحصلُ به المقصودُ، فتَلِفَ بسبب فِعْلِه، ضَمِنَهُ؛ لأنَّه مُتَعدٍّ بإسْرافِه؛ إذ لا يحصلُ المقصود بتأديبهم بذلك.

وكذا إذا ضَرَبَ من لا عَقْلَ له من صَبِيٍّ صغيرٍ غير مُميِّزٍ، أو مجنونٍ، أو مَعْتوهٍ، فتلف بسبب فعله، ضمنه؛ لأنَّ الشَّرْع لم يأْذَن في تأديب من لا عَقْلَ له.

ز- إذا أَرْسَلَ سُلْطانٌ في طَلَب امرأةٍ حاملٍ، أو هَدَّدَها، فأَسْقَطَ حَمْلَها، أو ماتَتْ، أو ذَهَبَ عَقْلُها، وَجَبَ الضَّمانُ على السُّلْطان؛ لما روى الحسن البصريُّ قال: (أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ إِلَى امْرَأَةٍ مُغَيَّبَةٍ كَانَ يُدْخَلُ عَلَيْهِا، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَقِيلَ لَهَا: أَجِيبِي عُمَرَ، فَقَالَتْ: يَا وَيْلَهَا مَا لَهَا