للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- فإن لم يحْلِف قُضِيَ عليه بالنُّكول، إلَّا إذا أقام بيِّنة على أنَّها له؛ لأنَّ البيِّنة حُجَّةٌ صريحةٌ في إثبات المِلْك لا تُهمة فيها؛ فكانت أَوْلَى من اليمين التي يُتَّهَم فيها.

- فإن كان لكلٍّ منهما بيِّنةٌ؛ قُدِّمَت بيِّنة المدَّعِي؛ وهو من ليست العَيْن في يَدِه، وحُكِمَ له بها؛ لحديث ابن عبَّاس أنَّ النَّبيَّ قال: (وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى المُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) [رواه البيهقي]؛ فجعل جِنْسَ البيِّنة في جَنْبَةِ المدَّعِي، فلا يبقى في جَنْبَةِ المدَّعَى عليه بيِّنة.

ولأنَّ بَيِّنة المُدَّعِي أكثر فائدة؛ لأنَّها تُثبِتُ سبباً لم يكن، وبيِّنة المنُكِر إنَّما تُثبِتُ ظاهراً تدلُّ اليد عليه؛ فلم تكن مفيدةً؛ لجواز أن يكون مُستَنَدُها رؤيةُ يَدِ المُنكِرِ عليها، وتَصرُّفه فيها؛ فوجب تقديمُ بيِّنة المُدِّعي على بيِّنة المنُكِر؛ كتقديم بيِّنة الجَرْح على التَّعديل.

- إلَّا إذا أقام المدَّعي بيِّنة أنها مِلْكه، وأقام المدَّعَى عليه -وهو الداخل الذي يَدُه على العَيْن- بيِّنةً أنَّه اشتراها منه؛ فحينئذٍ تُقدَّم بيِّنة المدَّعَى عليه؛ لأنَّ معها زيادة عِلْمٍ؛ لشهادتها بأمرٍ حَدَثَ على الِملْك خَفِي على بيِّنة المدَّعِي.

- أو أَقامَ أحدُهما بيِّنةً أنَّه اشتراها من فلانٍ، وأقام الآخر بيِّنة أنَّه اشتراها من الذي اشتراها منه الأوَّل؛ فإنَّه يُعمل بأسبقهما تاريخاً؛ لمصادفة التصرُّف الثَّاني مِلْك غيره؛ فوجب بطلانه. فإن لم يُعْلَم التاريخ، أو اتَّفَق؛ تساقطتا؛ لتعارضهما وعدم المرجِّح.