للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن تكون العَيْن المُتَنازَعُ فيها بأيْدِيهما، ولا بيِّنة لهما؛ كأرضٍ حَرَثاها، أو دارٍ سَكَناها، يدَّعِي كلٌّ منهما أنَّها له، أو عِمامَةٍ طَرَفها بِيَدِ أحدهما وباقيها مع الآخر، فيتحالفان؛ أي: يحلِفُ كلُّ واحدٍ منهما أنَّ نصفها له ولا حقَّ للآخر فيها، ويتناصفانها؛ لحديث أبي مُوسَى الأشعريِّ (أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا أَوْ دَابَّةً إِلَى النَّبِيِّ ، لَيْسَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا) [رواه أبوداود، والنسائي، وابن ماجه]. ولأنَّ يَدَ كلٍّ منهما على نِصْفها، والقول قول صاحب اليَدِ مع يَمينِه.

- فإن قَوِيَت يَدُ أحدهما على العَيْن المُتَنازَع فيها؛ كحيوانٍ ادَّعاه اثنان؛ أحدُهما سائِقُه، والآخر راكِبُه؛ فهو للرَّاكب بيمينه. أو كقميصٍ؛ واحدٌ آخِذٌ بكُمِّه، والآخر لابِسُه، فهو للابِسِه؛ لأنَّ تَصرُّف الرَّاكب أو اللَّابس أقوى، ويَده آكَدُ، وهو المُستوفِي للمَنْفَعة.

- فإن كان لأحدِ المُتنازِعَيْن بيِّنةٌ؛ فالعَيْن له، من غير يمين؛ لحديث الحَضْرَمِيِّ والكِنْدِيِّ. ولأنَّ البِّينة أَحَدُ حُجَّتَي الدَّعْوَى، فيُكتَفَى بها، كاليمين.

- فإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بيِّنةٌ بالعَيْن، وتساوت البيِّنتان من كلِّ وَجْهٍ؛ تعارَضَتا وتساقَطَتا؛ لأنَّ كلًّا منهما تَنْفِي ما تُثْبِتُه الأخرى؛ فلا يُمكن العملُ بهما ولا بأحدهما؛ وحينئذٍ يتحالفان، ويتناصفان ما بأيديهما؛ لحديث أبي مُوسَى الأشْعَريِّ : (أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ، فَبَعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ، فَقَسَمَهُ النَّبِيُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) [رواه أبوداود].