الثّاني: تَعمُّدُ تغطيةِ الرّأسِ من الرَّجُلِ؛ ولو كانتِ التّغطيةُ بحِنّاءٍ ونحوِها،
أو استظلالٍ بمَحمَلٍ (وهو المظلّةُ)؛ لقولِه ﷺ في المُحرمِ الّذِي وقَصَتهُ -كسرَتْ عنقَهُ- ناقتُه: (وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا) [رواه البخاري ومسلم]، ولقولِ ابنِ عمر ﵄: «أَضْحِ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ» [رواه البيهقي]؛ أي: ابرُزْ للشّمسِ.
وفي روايةٍ عن الإمام أحمد: أنّه يجوز له الاستظلالُ بالمحمَلِ؛ كما يجوزُ له الاستظلالُ بالخيمةِ، والثّوبِ على عودٍ أو شجرةٍ؛ لحديثِ جابر ﵁ في صفةِ حجّتِهِ ﷺ، وفيه: (وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ) [رواه مسلم]، وحديثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ ﵂ قالت: (حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ الله ﷺ حَجَّةَ الْوَدَاعِ؛ فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالاً وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيّ ﷺ، وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ؛ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) [رواه مسلم].
وإنْ حملَ المُحرمُ على رأسِهِ طبقاً، أو وضع يدَهُ عليهِ؛ فلا بأسَ بذلك؛ لأنّه
لا يُقصدُ به السَّترُ.
كما يحرمُ تعمُّدُ تغطيةِ الوجهِ من الأُنثى بنقابٍ وغيرِهِ؛ لقوله ﷺ: (وَلَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ) [رواه البخاري].
ولكنْ يجوزُ لها أن تسدلَ على وجهِها للحاجةِ -كمرورٍ رجالٍ بها-؛ لقولِ فاطمةَ بنتِ المنذرِ: (كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ، وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ
أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) [رواه مالك]، ولا يضرُّ لَمسُ المسدولِ لوجهِها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute